د. حسن أيوب: الأولوية القصوى لترامب حاليًا تتمثل في التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران يمهد لترتيبات اقتصادية وأمنية مستقرة مع دول الخليج
د. عمرو حسين: ترامب اعتاد على استخدام تصريحات لجذب الأنظار وتعزيز حضوره الإعلامي مما يجعل التوقعات تشير إلى حملة ترويجية لتعزيز حضوره الشخصي
د. حسين الديك: إعلان ترامب المرتقب قد يحمل دلالات سياسية ودبلوماسية كبيرة مرتبطة بالخليج العربي وإدخال المساعدات لغزة
د. إيريني سعيد: ترامب قد يركز على قضايا الشرق الأوسط بالتزامن مع زيارته للمنطقة بينها الإعلان جهود إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة
د. عبد المجيد سويلم: ترامب قد يقود مرحلة جديدة تهدف إلى إطفاء الحرائق في المنطقة بدلاً من إشعالها
في خطوة جديدة تثير الجدل، جاءت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعلان كبير مرتقب قد يحمل تحولات بشأن ملفات الشرق الأوسط، وإعادة الاستقرار فيه، وسط مؤشرات على تحرك استراتيجي لتقسيم القضايا الإقليمية ومعالجتها بشكل منفصل.
ويرى كتاب ومحللون سياسيون ومختصون في أحاديث منفصلة مع "القدس"، أن هذه التصريحات لترامب تأتي في وقت يسعى فيه لتعزيز فرصه السياسية، بالتوازي مع إعادة تموضع بلاده في المنطقة، من خلال مفاوضات مباشرة مع إيران، وتفاهمات مع دول الخليج، ومحاولة احتواء التوترات في المنطقة خاصة في اليمن وغزة.
ويشيرون إلى أن تركيز ترامب اللافت على "مفاجآت قريبة"، وقراراته المفاجئة وغير المتوقعة، يضعان المنطقة أمام احتمالات متعددة، أبرزها إمكانية التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع طهران، أو الإعلان عن ترتيبات إنسانية في غزة.
ويعتقدون أن نهج ترامب القائم على "حل المشكلات المنفردة" بدلًا من التعامل مع المنطقة كوحدة متكاملة، يؤشر إلى تغيير عميق في الأولويات الأمريكية مختلفة عن الإدارة السابقة، تزامناً مع إمكانية ترك إسرائيل خارج بعض التفاهمات ويزيد من توتر علاقاتها مع واشنطن.
قرارات ترامب متقلبة ومفاجئة
ويقول الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشأن الإسرائيلي والأمريكي، د. حسن ايوب، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يواجه تحديات كبيرة في صياغة قراراته المتقلبة والمفاجئة، التي تعتمد بشكل كبير على حدسه الشخصي، مما يضع المحللين أمام صعوبات كبيرة في استشراف المستقبل، وما يتحدث عنه من مفاجآت جيدة قريبة.
ويربط أيوب بين الإعلان الأخير لترامب عن وقف إطلاق نار مع الحوثيين في اليمن، الذي أعلن عنه الثلاثاء، وبين احتمال انفراجة نوعية في المفاوضات النووية مع إيران، معتبرًا أن هذا الخطوة تعكس استراتيجية جديدة تعتمد على "حل المشكلات" (Problem Solving) بدلاً من التعامل مع ملفات الشرق الأوسط كصفقة شاملة.
ووفقًا لأيوب، تتجه إدارة ترامب نحو تقسيم الملفات الإقليمية إلى قضايا مستقلة، بعيدًا عن الرؤية الشاملة التي اعتمدتها الإدارات الأمريكية السابقة لتحقيق استقرار المنطقة.
ويوضح أيوب أن الأولوية القصوى لترامب حاليًا تتمثل في التوصل إلى اتفاق نووي مع إيران، يمهد لترتيبات اقتصادية وأمنية مستقرة مع دول الخليج، مما قد يضع إسرائيل خارج إطار هذه الترتيبات.
ويعتقد أيوب أن الوساطة العمانية، التي نجحت في التوصل إلى وقف إطلاق النار مع الحوثيين، تشير إلى محاولة ترامب لخلق بيئة مواتية لنجاح المفاوضات مع طهران، حيث أُجريت ثلاث جولات تفاوضية خلال الأسابيع الماضية أظهرت تقدمًا ملحوظًا.
تحول استراتيجي يثير توترات مع إسرائيل
ويلفت أيوب إلى أن هذا التحول الاستراتيجي يثير توترات مع إسرائيل، خاصة مع تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي بدا مضطرًا لوقف عمليات الطيران الإسرائيلية ضد اليمن بعد إعلان ترامب.
ويشير أيوب إلى أن الهجوم الإسرائيلي على مطار صنعاء، اعتبر في البداية ليس الأخير، ثم توقف فجأة بعد ساعات فقط من الإعلان الأمريكي حول التوصل لاتفاق مع الحوثيين، مما يعكس ترك إسرائيل في "العتمة".
ويوضح أيوب أن نتنياهو يواجه مأزقًا حقيقيًا، إذ إنه قد يسعى لعرقلة الاتفاق مع إيران وتخريب جولة ترامب الدبلوماسية في المنطقة، خاصة أن الجولة قد لا تشمل محطة في إسرائيل، وهو أمر يذكر بزيارة باراك أوباما الأولى كرئيس للمنطقة دون توقف في إسرائيل.
ويعتبر أيوب أن ترامب يشعر بالاستياء من "ألاعيب" نتنياهو، مشيرًا إلى حساسية ترامب الشديدة تجاه مصداقيته الشخصية، مما قد يدفع الإدارة الأمريكية لممارسة ضغوط على الحكومة الإسرائيلية لقبول الرؤية الأمريكية.
ويؤكد أيوب أن هذا التوتر يظهر بوضوح في التباين بين استراتيجية ترامب، التي ترى في الحل العسكري وسيلة للاتفاقات، ونهج نتنياهو الذي يعتبره هدفًا بحد ذاته.
إطعام سكان غزة مقابل إطلاق أسرى إسرائيليين
ويتوقع أيوب سيناريوهين محتملين للمفاجأة الإيجابية التي تحدث عنها ترامب، الأول، مرتبط بانفراجة في المفاوضات النووية الإيرانية، حيث أشار إلى تقارير تشير إلى تقدم في الجولات التفاوضية الأخيرة، أما الثاني، قد يتعلق بقطاع غزة، لكن بطريقة قد تكون غير سارة للفلسطينيين.
ويوضح أيوب أن إدارة ترامب تبدو مستندة إلى "بعد إنساني"، حيث اقترح مبعوثها للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف صفقة تشمل إطعام سكان غزة مقابل إطلاق سراح أسرى إسرائيليين، وهي خطوة من المرجح أن ترفضها حركة حماس، كما ألمح إلى إمكانية الإعلان عن خطة أمريكية جديدة لترتيبات في الضفة الغربية، مما يعزز فكرة التعامل مع كل ملف على حدة.
من جانب آخر، يرى أيوب أن ترامب يسعى لخلق فرص نجاح تجارية واقتصادية هائلة مع دول الخليج، إلى جانب تحركات دبلوماسية متعددة المستويات.
ويشير أيوب إلى أن الإعلان عن وقف إطلاق النار مع الحوثيين قد يكون مقدمة لاتفاقيات أوسع، لكن النجاح يعتمد على ردود الفعل الإقليمية، خاصة من إيران وإسرائيل، حيث أن متابعة الأيام القادمة، التي من المتوقع أن تكون حافلة بالتطورات، مع الإقرار بأن المعلومات المتاحة حاليًا شحيحة.
ويحذر أيوب من خطورة اعتماد ترامب على حدسه في اتخاذ القرارات، مشيرًا إلى أن هذا الأسلوب يجعل التنبؤ بالمستقبل صعبًا للغاية.
ويؤكد أيوب أن الوضع الراهن يتطلب مراقبة دقيقة، خاصة مع الدور المتزايد للوساطة العمانية وتأثيرها على التوازنات الإقليمية، وفي الوقت الذي يبدو فيه ترامب مصممًا على فرض رؤيته، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى قدرة نتنياهو على التكيف مع هذه التحولات، أو ما إذا كانت ستؤدي إلى تصعيد إضافي في المنطقة.
تساؤلات حول الإعلان الكبير المرتقب
يوضح الكاتب والمحلل السياسي المصري والباحث في العلاقات الدولية والاستراتيجية، د. عمرو حسين أن الإعلان الكبير المرتقب الذي أشار إليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يثير تساؤلات حول طبيعته، سواء كان سياسيًا يمهد لعودته المحتملة إلى الساحة السياسية أو استراتيجيًا يؤثر على السياسات الداخلية والخارجية للولايات المتحدة.
ويشير حسين إلى أن ترامب اعتاد على استخدام مثل هذه التصريحات لجذب الأنظار وتعزيز حضوره الإعلامي، مما يجعل التوقعات تتراوح بين إعلان مفاجئ قد يشير إلى حملة ترويجية لتعزيز حضوره الشخصي.
وفيما يتعلق بزيارة ترامب المرتقبة للمنطقة، يرى حسين أنها تحمل بعدين رئيسيين: الأول، محاولة ترامب لتأكيد نفسه كشخصية مؤثرة على الساحة الدولية، والثاني، فرصة لإعادة تموضعه في حل القضايا الإقليمية الحساسة مثل النزاعات في الشرق الأوسط.
ويشير حسين إلى أن نجاح زيارة ترامب يعتمد على طبيعة الرسائل التي سيوجهها ترامب، فإن ركزت على التهدئة ودعم الاستقرار، قد تسهم في تقليل التوترات الإقليمية، لكن إذا تحولت الزيارة إلى منبر لتصعيد الخطاب أو تسجيل نقاط سياسية داخلية، فقد تزيد من حدة الاحتقان في المنطقة، خاصة مع حساسية الوضع الراهن.
ويؤكد حسين أن تأثير ترامب يظل قائمًا، لكنه مشروط بقدرته على التوازن بين مصالحه الشخصية والديناميكيات الإقليمية المعقدة.
إبقاء وسائل الإعلام في حالة ترقب دائمة
يؤكد الكاتب والمحلل السياسي والمختص بالشأن الأمريكي، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتمد أسلوبًا جدليًا في تصريحاته، بهدف جذب الأنظار وإبقاء وسائل الإعلام في حالة ترقب دائمة.
ويشير الديك إلى أن إعلان ترامب المرتقب خلال الساعات أو الأيام القادمة قد يحمل دلالات سياسية ودبلوماسية كبيرة، مرتبطة بشقين أساسيين يعكسان رؤيته الاستراتيجية للمنطقة.
الشق الأول، وفق الديك، يتمثل في إعلان الولايات المتحدة اعتماد تسمية "الخليج العربي" بدلاً من "الخليج الفارسي" في جميع مسمياتها الرسمية، سواء داخل الوزارات والوكالات الفيدرالية والمحلية أو في السياقات الدولية.
ويرى الديك أن هذه الخطوة تحمل "غزلًا سياسيًا ودبلوماسيًا" موجهًا لدول الخليج العربي، خاصة المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر.
ويوضح الديك أن هذا القرار يعكس محاولة ترامب لتعزيز العلاقات مع هذه الدول، التي تشكل محورًا أساسيًا في سياسته الإقليمية، من خلال إظهار دعم رمزي لمواقفها التاريخية في النزاع حول تسمية الخليج.
ويشير الديك إلى أن الشق الثاني يتعلق بإدخال مساعدات إنسانية بشكل رسمي إلى قطاع غزة، إلى جانب ترتيبات مع الحوثيين في اليمن بوساطة عمانية.
حلحلة بعض الملفات العالقة
ويلفت الديك إلى أن هذه الخطوة تأتي في سياق تفاهمات تهدف إلى حلحلة بعض الملفات العالقة، بما في ذلك تهدئة الجبهة الإيرانية والحد من التوترات في اليمن.
ويؤكد الديك أن هناك توجهًا واضحًا نحو تقليل التصعيد في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، حيث سيتم وقف هجمات الحوثيين على السفن التجارية والبوارج البحرية، مما يعزز الاستقرار في هذه المنطقة الحيوية.
وفيما يتعلق بإمكانية التوصل إلى وقف إطلاق نار دائم أو هدنة في قطاع غزة، يستبعد الديك أن يتم الإعلان عنها قبل زيارة ترامب المرتقبة للمنطقة.
ويوضح الديك أن السبب يكمن في الاختلاف الكبير بين المقاربة الإسرائيلية والمقاربة الفلسطينية-العربية. فالجانب الإسرائيلي، بقيادة بنيامين نتنياهو، وفق الديك، يرى أن أي وقف لإطلاق النار يجب أن يكون مؤقتًا، يتبعه إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين، ثم استئناف الحرب لتحقيق أهدافها، وهي تدمير حركة حماس، في المقابل، تطالب المقاربة الفلسطينية-العربية بوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب كامل للاحتلال من غزة.
مسألة تسليم سلاح حماس
ويشير الديك إلى أن مسألة تسليم سلاح حماس أصبحت من أكثر القضايا تعقيدًا في مفاوضات الهدنة، حيث يتفق الائتلاف الحاكم والمعارضة في إسرائيل على استمرار الحرب حتى تحقيق هذا الهدف، وهو ما يجعل وقف الحرب وفق الرؤية الإسرائيلية أمرا صعباً، خاصة مع رفض حماس لذلك.
ويعتبر الديك أن زيارة ترامب المرتقبة إلى المنطقة قد تسهم في حلحلة بعض الملفات وتخفيف التوترات في جبهات محددة.
ويشير الديك إلى الملف اليمني، حيث يتوقع الديك حدوث تهدئة ملحوظة، بينما في الملف السوري، يرجح أن يكون له حضور قوي خلال المفاوضات بين ترامب والأمير محمد بن سلمان في الرياض.
ويلمح الديك إلى تقارير غير مؤكدة عن إمكانية وصول الرئيس السوري أحمد الشرع إلى السعودية للقاء ترامب، وهو ما قد يعزز الجهود لتهدئة الوضع في سوريا.
ويلفت الديك إلى أن المكالمة الهاتفية الأخيرة بين ترامب والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، التي تضمنت دعوات متبادلة لزيارة واشنطن وأنقرة، قد تكون مقدمة لتهدئة الجبهة السورية، خاصة مع توقعات بضغط أمريكي على نتنياهو لوقف الضربات العسكرية الإسرائيلية المستمرة على سوريا.
تفاؤل حذر بتحقيق استقرار نسبي بالمنطقة
ويحذر الديك من أن ترامب قد يمنح نتنياهو حرية الحركة في الساحة الفلسطينية، سواء في غزة أو الضفة الغربية، دون ضغوط أمريكية، بينما سيتم التركيز على تحقيق الاستقرار في الساحات الأخرى مثل اليمن، وإيران، وسوريا، وربما لبنان.
ويؤكد الديك أن هذه الزيارة قد تشكل نقطة تحول إيجابية في بعض الملفات، لكنها لن تحل الإشكاليات العميقة في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، حيث تبقى الخلافات الجوهرية قائمة.
ويعرب الديك عن تفاؤل حذر بإمكانية تحقيق استقرار نسبي في المنطقة، خاصة في الجبهات اليمنية والسورية، لكنه يؤكد أن الوضع في غزة سيظل نقطة توتر رئيسية بسبب تعنت الموقف الإسرائيلي، ورغم ذلك قد تحمل زيارة ترامب للمنطقة مفاجآت إضافية تعكس أسلوبه السياسي غير التقليدي.
استقرار إقليمي يخدم المصالح الاقتصادية الأمريكية
من جهته، تقول الأكاديمية والمحللة السياسية المصرية د. إيريني سعيد إن زيارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المرتقبة إلى الشرق الأوسط تهدف إلى تحقيق استقرار إقليمي يخدم المصالح الاقتصادية الأمريكية، مع التركيز على تهدئة التوترات وإنهاء الصراعات.
وتشير سعيد إلى أن ترامب يتبنى توجهات واضحة للتهدئة، مستدلة باستئناف المفاوضات مع إيران وإعلان وقف الضربات على الحوثيين في اليمن، رغم محاولات إسرائيل توريطه في صراعات المنطقة.
وتوضح سعيد أن ترامب يسعى لتحقيق استقرار المنطقة لتعزيز مصالحه الداخلية، خاصة في ظل التحديات التي تهدد المصالح الأمريكية، مثل الأمن البحري أو التورط مع الجماعات الجهادية.
وتؤكد سعيد أن هذه العوامل قد تقوض وعوده للناخب الأمريكي الذي أوصله إلى البيت الأبيض، ورغم فشله السابق في إدارة الصراعات، سواء في غزة أو الحرب الروسية الأوكرانية، إلا أن توجهه الحالي يعكس رغبة واضحة في تسوية الأوضاع الإقليمية.
في سياق حديثها عن "الإعلان المهم" المتوقع من ترامب، تشير سعيد إلى أنه قد يركز على قضايا الشرق الأوسط بالتزامن مع زيارته للمنطقة، ومن المتوقع أن يتناول الإعلان جهود إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة ومحاولات السيطرة على سياسات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
مؤشرات قوية لتسوية الأوضاع
وتؤكد سعيد أن القاهرة والدوحة اتخذتا خطوات مهمة مؤخراً لاستئناف المفاوضات وإنجاح جهود التهدئة، مما يعزز فرص تحقيق تقدم ملموس.
وتوضح سعيد أن الزيارة لا يمكن فصلها عن المصالح الاقتصادية الأمريكية، مشيرة إلى زيارة ترامب عام 2017 التي شهدت توقيع صفقات ضخمة مع دول الخليج.
وتعتبر سعيد أن هذه الصفقات تمثل مؤشرات قوية لتسوية الأوضاع، خاصة في ظل سياسات إسرائيل "المخزية" وإصرار اليمين المتطرف على مواصلة الحرب دون رؤية استراتيجية أو أهداف واضحة.
وتؤكد سعيد أن نجاح زيارة ترامب يعتمد على قدرته على تحقيق توازن بين تهدئة الصراعات وتعزيز الاستقرار الإقليمي، مع الحفاظ على المصالح الاقتصادية الأمريكية، لكن ذلك يثير جدلاً حول مدى قدرته على مواجهة التحديات التي تفرضها السياسات الإسرائيلية والتوترات الإقليمية.
ثلاثة محاور رئيسية لإعلان ترامب المرتقب
الكاتب والمحلل السياسي د. عبد المجيد سويلم يقول إن ما يُعرف بـ"الإعلان الكبير" الذي يُتوقع أن يطلقه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يمثل محاولة استراتيجية لتهدئة التوترات في منطقة الشرق الأوسط، مع التركيز على تعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج العربي. ويرى سويلم أن هذا الإعلان قد يتضمن ثلاثة محاور رئيسية: اتفاق إطاري مع إيران، أو وقف الحرب في قطاع غزة، أو تعزيز الاستقرار الإقليمي لجذب الاستثمارات وإعادة بناء الاقتصاد الأمريكي.
ووفقاً لسويلم، يسعى ترامب من خلال هذا الإعلان إلى تحقيق استقرار إقليمي يخدم مصالح الولايات المتحدة الاقتصادية.
ويشدد سويلم على أن ترامب يدرك جيداً أن نجاح هذه الخطوة يتطلب تقديم تنازلات ملموسة تلبي مطالب دول الخليج.
ويضرب سويلم مثالاً أن المملكة العربية السعودية تسعى إلى إبرام صفقات أسلحة متقدمة، وربما التوجه نحو بناء مفاعل نووي مدني، إلى جانب مطالب أخرى لدول خليجية مثل الإمارات وقطر.
ويؤكد سويلم أن ترامب يعي أن استفادة الولايات المتحدة من القدرات المالية الهائلة لدول الخليج تعتمد على مدى استجابته للقضايا الإقليمية الحساسة، بما في ذلك الوضع في قطاع غزة.
ترامب يدرك أهمية إنهاء الحرب في القطاع
ويشير سويلم إلى أن ترامب يدرك أهمية إنهاء الحرب في قطاع غزة كجزء لا يتجزأ من استراتيجيته.
ويعتقد سويلم أن الرئيس الأمريكي سيعلن عن وقف إطلاق النار وتهدئة طويلة الأمد قد تمتد لخمس سنوات، معتبراً أن التهديد الذي كانت تشكله حركة حماس قد تم القضاء عليه فعلياً.
ويرى سويلم أن ترامب سيعتمد على سردية مفادها بأن الولايات المتحدة نجحت في حماية إسرائيل من التهديدات التي تواجهها، وبالتالي لن تكون ملزمة بدعم الطموحات الإسرائيلية المتعلقة بضم أراضٍ أو تحقيق مفهوم "إسرائيل الكبرى".
ويقول سويلم: "ترامب سيؤكد أن الولايات المتحدة قدمت لإسرائيل بعد السابع من أكتوبر 2023، دعماً غير مسبوق، لم تقدمه أي دولة لأخرى في العالم، حيث ساهمت في إزالة التهديدات المباشرة من حماس وحزب الله ومحور المقاومة، وبالتالي، يمكن لإسرائيل الآن الدخول في مرحلة تهدئة دون الحاجة إلى تصعيد إضافي".
في محور آخر، يتوقع سويلم أن يتضمن الإعلان الكبير لترامب حديثاً جدياً حول اتفاق مع إيران، سواء كان اتفاقاً تفصيلياً أو إطاراً أولياً.
ويرى سويلم أن هذه الخطوة قد تمثل تحولاً تاريخياً، حيث تسعى الولايات المتحدة إلى دمج إيران في شبكات اقتصادية إقليمية، مما يعزز الاستقرار ويفتح المجال لاستثمارات متبادلة. ويؤكد أن هذا التوجه يعكس رغبة ترامب في تجنب التورط في حروب جديدة، خاصة بعد انسحابه من المواجهة مع اليمن، معتبراً أن المنطقة لم تعد بحاجة إلى تصعيد عسكري.
جذب استثمارات خليجية ضخمة.
ويؤكد سويلم أن الهدف الأساسي لترامب هو تعزيز الاقتصاد الأمريكي من خلال جذب استثمارات خليجية ضخمة.
ويرى سويلم أن دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، مستعدة للعب دور إقليمي غير مسبوق، شريطة تحقيق حد أدنى من الاستقرار الإقليمي وإنهاء التوترات التي يقودها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ويقول سويلم: "ترامب يدرك أن نجاح خطته يعتمد على قدرته على إقناع دول الخليج بأن الولايات المتحدة جادة في حماية مصالحها وتعزيز الاستقرار".
ويعتقد سويلم أن ترامب يطمح إلى إنشاء شبكات اقتصادية إقليمية تشمل جميع الأطراف، بما في ذلك إيران، مما يعزز الازدهار ويحمي المصالح الأمريكية، مشدداً على أن هذا الإعلان قد يمثل "طفرة غير مسبوقة" في سياسة الولايات المتحدة تجاه المنطقة.
على الرغم من أن سويلم لا يتوقع اعترافاً أمريكياً صريحاً بالحقوق الوطنية الفلسطينية، إلا أنه يرى أن هذه المرحلة قد توقف الخطر الوجودي الذي يواجه الشعب الفلسطيني.
مرحلة جديدة تهدف إلى إطفاء الحرائق بالمنطقة
ويوضح سويلم أن إنهاء الحرب في غزة وإعادة الاستقرار الإقليمي سيفتحان المجال لإعادة البناء ومنح الفلسطينيين درجة معينة من الحقوق، معتبراً أن هذا التحول يعكس إدراك ترامب لاستحالة استمرار الحروب دون إحباط خططه الاقتصادية.
ويشير سويلم إلى أن الأحداث التي بدأت في 7 أكتوبر 2023، كشفت زيف الروايات الإسرائيلية التي حاولت تصوير المقاومة الفلسطينية ومحور المقاومة على أنهما هُزما بالكامل.
ويؤكد سويلم أن الواقع أثبت أن إسرائيل لم تحقق أهدافها الطموحة، مثل بناء "دولة من الفرات إلى النيل"، وأن الولايات المتحدة أصبحت مضطرة للاعتراف بحقائق جديدة، وهو ما يمثل إنجازاً كبيراً للمقاومة والشعب الفلسطيني.
ويشير سويلم إلى أن ترامب قد يقود مرحلة جديدة تهدف إلى إطفاء الحرائق في المنطقة، بدلاً من إشعالها.
ويؤكد سويلم أن نجاح هذا الإعلان الكبير يعتمد على قدرة ترامب على تحقيق توازن بين تلبية مطالب دول الخليج، وإنهاء الصراعات الإقليمية، وإعادة بناء الاقتصاد الأمريكي، لكن يبقى السؤال: هل سيتمكن ترامب من تحقيق هذا التحول التاريخي، أم ستظل التحديات الإقليمية عائقاً أمام طموحاته؟
شارك برأيك
ترامب يحضّر لـ"مفاجآت كبرى".. هل يعيد الهدوء إلى الشرق الأوسط بخطوات غير تقليدية؟