يكتظُّ شهر شباط الذي ليس عليه رباط بالمواعيد، العاجلة منها والآجلة، لجهة رتق الخرق الـمُتسع في الثوب العربي، الذي تنهشه الذئاب وتطارده الضباع، في واحدٍ من أكثر الممرات التي تعبُرها الأمة ظلاماً وضيقاً وخطراً يتهدّدها حاضراً ومستقبلاً، يتلمظ فيه أعداؤها لاقتطاع أجزاء من جسدها بالبلطات والسكاكين، وهي في لحظة إرباك، ترقد على "سرير الشقاء"، الذي أصابها من سوء أدائها، وتفرّق كلمتها، وتعدّد أجنداتها، وقلّة حيلتها، وهوانها على الناس، أكثر مما أصابها من بطش أعدائها.
بين القمة الخماسية التي تحتضنها العاصمة السعودية يوم العشرين من الشهر الجاري، والقمة العربية التي قد يتمُّ إرجاؤها إلى موعدٍ لاحق، لأسبابٍ لوجستية، كما صرّح بذلك الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، فإنّ كرة اللهب تتدحرج من حالق، متوعّدةً بالجحيم تارةً، وطوراً بالتهجير على نحوٍ تنحسر فيه الخيارات، وتضيق المسافات، ويتدنّى فيه مستوى الرؤية الأُفقية، وسط أعمدة الدخان التي تسدّ الآفاق.
بين القمّتين، لا خيار للأمة سوى الاتفاق، وطيّ صفحة الخلافات، وجسر الفجوات، وترصيص الصفوف، أمام عدوٍّ بلغ سقف الجنون، وتجرّدَ من كل الأنظمة والقوانين، يعتنق أُسلوب الصدمة والإرعاب والتصويب، لاختبار حوائط الصدّ ومدى الجاهزية للردّ، والقدرة على تشتيت الكرات عن المرمى العربيّ المستباح بتسجيل الأهداف الذاتية أكثر مما يُسجله الخصوم والأعداء، والتي أيقظت لدى الأُمّة مكامن الخوف الوجودي، في ضوء ما يجري من تسييلٍ للخرائط، وتوسيعٍ للحدود، في عالمٍ يُقاد بالحماقة والارتجال، ونوازع الانتقام الممهورة بالأوامر التنفيذية.
شارك برأيك
كرة اللهب يتلقّفها العرب!