أقلام وأراء
الجمعة 09 أغسطس 2024 9:53 صباحًا - بتوقيت القدس
إسرائيل الغاضبة من اختيار السنوار
تلخيص
من حركة المقاومة الإسلاميّة "حماس"، يأتي كلُّ ما هو مفاجئ وكلُّ ما هو غير متوقع، فبجانب زلزال السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وصدمة الصمود الأسطوري، تنقل الحركة العالم مجددًا إلى صدمة أخرى، لم تخطرْ على بالِ سدنة التحليل السياسي ومستشرفي المستقبل ومآلاته، ولا مرتْ بخيال أكثر أجهزة الاستخبارات في العالم خبرةً وحِرفية.
صندوق أسود
ففي حين كانت التوقعات شبه المؤكدة، تشيرُ إلى أنَّ الحركة قد استقرّت على خالد مشعل خليفةً "محتملًا" لإسماعيل هنية الذي اغتيل في طهران الأسبوع الماضي، يأتي قرارها باختيار السنوار، لتزعزع من جديد الثقةَ في الأساطير التي أنزلت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ـ والأميركية بطبيعة الحال ـ منزلة القدرة على عدّ أنفاس أية قيادة سياسية في العالم.
إن أوعية وقنوات فرز واختيار رئيس المكتب السياسي للحركة، عملية ليست معقدةً، ولا تجري على الخريطة الأضيق، على النحو الذي يجعلها "كهنوتًا سياسيًا" مُسيَّجًا بالسرية والحماية من الاطلاع عليه، فالاختيار يقرّره مجلسُ شورى حماس المؤلف من 50 عضوًا، وهو هيئة استشارية تتألف من مسؤولين منتخبين من قبل أعضاء حماس في أربعة فروع: غزة والضفة الغربية والشتات والسجناء الأمنيين في السجون الإسرائيلية.
فهي ـ إذن ـ فسيفساء واسعة وعرضة للاختراق الأمني، ومع ذلك ظلت كأنفاق غزة، صندوقًا أسود عصيًا على المراقبة والتنصت وإضاءة مساحاته المظلمة، فيما تعتبر تل أبيب أكبر منتج ومصدر لتكنولوجيا التجسس في العالم، بل تعتبر دولة الجاسوسية الأولى، التي لم تسلمْ منها، حتى حليفتها الرئيسية ـ الولايات المتحدة الأميركية ـ عندما وضعت أجهزة مراقبة للهواتف المحمولة، بالقرب من البيت الأبيض، ومواقع حساسة أخرى في جميع أنحاء واشنطن وفق ما كشفت عنه بوليتيكو " politico" في 9/12/2019.
لغز الاختيار
ليس بوسع أحد، حتى اللحظة في العالم ـ المصدوم من مفاجأة البديل الحمساوي – أن يقدم مقاربةً تفسر لغز الاختيار، ودلالته بشأن قرار نقل المركز الرسمي لسلطة حماس إلى غزة، في حين أن الكثير من القيادات الرسمية كانت طليقةً في الخارج في السنوات الأخيرة – بما في ذلك هنية وخالد مشعل – وفي حماية أو حصانة "عُرفية" غير رسمية، لكونها الوسيط السياسي في أية مفاوضات بين الجانبين: الإسرائيلي والفلسطيني.
تسمية السنوار رئيسًا للمكتب السياسي، يعني نقل القرار السياسي، بما في ذلك مستقبل "المفاوضات" لاحقًا.. من قيادة سياسية معتدلة "هنية" – كما وصفه مراقبون ومن تعاملوا معه من قرب بأنه محاور مصقول وعملي – إلى أرفع مسؤول عسكري وميداني "السنوار"، الذي تدرجه إسرائيل على رأس "قائمة الاغتيال"، وهذا يضع نتنياهو أمام أخطر سؤال يتعين عليه الإجابة عنه بشأن: مع مَنْ يمكن التواصل معه من الفلسطينيين حول صفقة تحرير الأسرى الإسرائيليين؟!
فالسنوار شخصية سرية "شَبَحَية"، لا يُعرف عنه كما تقول الـ "بي بي سي" غير أنه رجلٌ " ذو شعر أبيض ثلجي وحاجبين أسودين"! في إشارة تهكمية على حالة الفوضى التي خلفها نزق نتنياهو ومغامرته "الدعائية" باغتيال الوسيط العلني إسماعيل هنية.
خاصة أن تقييم الحكومة الإسرائيلية للسنوار خلال فترة وجوده في السجن ـ قضى 23 عامًا ـ بأنه شخصية " قاسية وموثوقة ومؤثرة وتتمتع بقدرات غير عادية على التحمّل، وماكرة ومتلاعبة، وراضية بالقليل.. تحافظ على الأسرار حتى داخل السجن بين السجناء الآخرين.. ولديها القدرة على التعبئة والحشد".
فضلًا عن أنه أثناء وجوده في السجن، تعلم اللغة العبرية وطور فهمًا للثقافة والمجتمع الإسرائيليين، وفقًا لزملائه السجناء السابقين والمسؤولين الإسرائيليين الذين راقبوه في السّجن.
ويعتقد العديد من المسؤولين الإسرائيليين والأميركيين أن السنوار استفاد من فهم إسرائيل الذي اكتسبه أثناء اعتقاله لسنوات طويلة، لزرع الانقسامات المجتمعية في إسرائيل، والتلاعب بنتنياهو وإحراجه أمام الرأي العام الإسرائيلي.
محصلة صفرية
صدمة الاختيار حملت تيارًا داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، على الاعتقاد بأن اغتيال هنية كان محصلته "صفرًا" على صعيد الواقع العملياتي سياسيًا وعسكريًا، فبعد الإعلان على تعيين السنوار رسميًا، قال مايكل ميلشتين، ضابط مخابرات إسرائيلي سابق متخصص في الشؤون الفلسطينية: "لقد تم رفع مكانته إلى مستوى رمزي".. "لكن في نهاية المطاف، كان بالفعل هو صاحب القرار بشأن الحرب والمفاوضات".
واللافت في المشهد اللاحق على "زلزال السنوار"، هو الارتباك الذي أصاب القيادة السياسيّة الإسرائيلية، التي تأخرت طويلًا في التعليق على وضع نتنياهو وجهًا لوجه مع مهندس "طوفان الأقصى" الذي أدّى لمقتل 1200 إسرائيلي، وأسر ما يقرب من 250 آخرين، واهتزاز تاريخ المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وزعزعة الثقة في "الجيش الذي لا يقهر".
إذ كان أول رد فعل إسرائيلي رسمي، عصبيًا ومتوترًا ويعوزه الحصافة والرصانة الدبلوماسية، وذلك على لسان وزير الخارجية يسرائيل كاتس الذي دعا ـ مساء الثلاثاء ـ إلى "تصفية سريعة" ليحيى السنوار".. وكتب على منصة "إكس": إن تعيين "السنوار على رأس حماس خلفًا لإسماعيل هنية، هو سبب إضافي لتصفيته سريعًا ومحو هذه المنظمة من الخريطة".
وهي التصريحات التي سخر منها هيو لوفات، زميل السياسات البارز في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، معتقدًا أن قتل السنوار سيكون بمثابة "انتصار علاقات عامة" لإسرائيل أكثر من تأثيره الفعلي على الحركة.
وقال: "من الواضح أنه سيكون خسارة، ولكن سيتم استبداله، وهناك هياكل قائمة للقيام بذلك، الأمر لا يشبه قتل بن لادن، فهناك قادة سياسيون وعسكريون كبار آخرون داخل حماس".
وبالفعل فقد أثبتت التجارب بالتواتر، أن المنظمات غير الحكومية، تميل إلى العمل بمثل نظرية "قطع رؤوس الهيدرا".
وبالمناسبة هي النظرية التي وضعها الباحث الإسرائيلي داني بروجوفيتش، ويمكن التعبير عنها بمعنى آخر (قصّ الاعشاب): كلما قُطع رأس من رؤوسه التسعة نبت مكانه رأسان جديدان.. فإذا تمّ اغتيال قائد العمليات أو القائد الصوري يتم استبداله سريعًا بآخر، وفي بعض الأحيان يفتقر من يخلفه إلى نفس الخبرة أو المصداقية، لكن المنظمة تكون غالبًا قوية وقادرة على تجديد نفسها بشكل أو بآخر.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
"طفح الكيل "
حديث القدس
صراع الوهم ضد الحقيقة
حمادة فراعنة
نفس القاتل.. عائشة نور وراشيل كوري
بهاء رحال
إشراقة العام الدراسي الجديد
جابر سعادة / عابود
توضيحات لبعض المصطلحات والتقاليد المسيحية
لورنس كارلوس سمور/ بيت لحم
الصلاة خيرٌ من النوم
أشخين ديمرجيان
في اليوم العالمي لدعم التعليم.. الحاجة إلى بلورة رؤى لدعم النظام التربوي التعليمي الفلسطيني
غسان عبد الله
الشرعية تكتسب ولا تمنح من المجتمع الدولي!
دلال صائب عريقات
شهيدة بيتا "عائشة نور إيزغي" التي ساحَت في السطوع
المتوكل طه
جنديّ يروي قصّة كلبهم الذي نهش طفل متلازمة داون (محمد بهار) ؟؟
وليد الهودلي
عن الشاهد والشهيد كان صديقي محاولة لكتابة سيرة غيرية لـ "مثقف ثوري" ما
توفيق العيسى
الضحايا الفلسطينيون.. السياق والمعنى
إياد البرغوثي
الشيخ والبحر!
ابراهيم ملحم
بأي ذنب قتلتا ؟
حديث القدس
قل لي ماذا تسميه أنت؟
فراس عبيد
حماية الحق في التعليم في ظل الإبادة التعليمية
ثروت زيد الكيلاني
غزة.. والمسؤولية الأميركية
جيمس زغبي
البرلمان الانتقالي والاعلان الدستوري المرتقبين
فهمي الزعارير
الأقصى لنا …
حديث القدس
حِمايةُ الحَقِّ في التَّعْليمِ في ظِلِّ الإبادةِ التَّعْليميَّةِ
بقلم: ثروت زيد الكيلاني
الأكثر تعليقاً
الشيخ: قتل الاحتلال متضامنة أميركية جريمة تتطلب محاسبة مرتكبيها في المحاكم الدولية
الضحايا الفلسطينيون.. السياق والمعنى
صحيفة المانية تكشف الوثيقة السرية للسنوار حول التفاوض والحرب النفسية ضد إسرائيل
الديمقراطيون في الكونغرس يطالبون بايدن بمسائلة إسرائيل بمقتل الناشطة عائشة نور
اجتماع إسرائيلي يبحث الصفقة ومسؤول أميركي يتحدث عن عقبة رئيسية
فرق الطوارئ تشرع بتهيئة مؤقتة للشوارع وإعادة الخدمات الأساسية في جنين
أكثر من 2 مليون غزي نازح يعيشون تحت ظروف قاسية
الأكثر قراءة
شيرين تتحدى روتانا بـ"البوتاجاز".. ومغردون: نريد سماع الأغاني بأي وسيلة
جهات إسرائيلية تحذر من تحويل الضفة إلى غزة ثانية
الضحايا الفلسطينيون.. السياق والمعنى
استشهاد متضامنة أجنبية برصاص الاحتلال جنوب نابلس
مشكلة الفائض النقدي (الشيكل) في فلسطين: تأثير السياسات الإسرائيلية
صحيفة المانية تكشف الوثيقة السرية للسنوار حول التفاوض والحرب النفسية ضد إسرائيل
مقتل 3 إسرائيليين قرب معبر الكرامة والكشف عن هوية المنفذ
أسعار العملات
الأحد 08 سبتمبر 2024 8:41 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.7
شراء 3.68
دينار / شيكل
بيع 5.24
شراء 5.2
يورو / شيكل
بيع 4.14
شراء 4.1
هل تستطيع إدارة بايدن الضغط على نتنياهو لوقف حرب غزة؟
%19
%81
(مجموع المصوتين 94)
شارك برأيك
إسرائيل الغاضبة من اختيار السنوار