أقلام وأراء

الأربعاء 03 أبريل 2024 10:27 صباحًا - بتوقيت القدس

الأهمية التربوية الانسانية لمواجهة تفشي الكراهية للاّخر

تلخيص

أدت، وستؤدي أكثر، موجة العنف الدائرة حاليا، سواء العنف جراء الوضع السياسي الناجم عن الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية منذ عقود خلت، أو العنف المحلي (داخل الأسرة، وداخل المجتمع ككل، وفي المدرسة أو الجامعة )، ناهيك عن البطالة والنقص الحاد في مستلزمات الحياة اليوميّة، كل هذا أدى وسيؤدي الى موجة واسعة من الوبائيات الصحيّة السيكولوجية والاضطرابات السلوكية، ولعل منها تفشي مشاعر الكراهية نحو الذات أو الاّخر.


احدى مسببّات تفشي مشاعر الكراهية هذه، ومحاولات التحريض على الآخر، ناجمة عن الجهل والنقص في المعرفة بأمور هذا الآخر، وأيضاً بسبب الأزمات والتحديات العديدية التي تواجهها الأسرة، والمجتمع أو الفرد في عالمنا اليوم .


الأمر الذي يتطلب تضافر جهود الكتاب والمثقفين والتربويين (في كافة المجالات الأدبية والثقافية) من أجل تعاون مميز لنخبة من هؤلاء، سواء محليين أو عالميين، للعمل على انتاج أعمال ونتاجات ثقافية وتربوية من شأنها أن تهيىء الفرد لتقبل الثقافات الأخرى وما يخص القيم النابعة منها، من أجل ايجاد جسر بين الاختلافات مع الاّخر والقناعات الذاتية للفرد، بما يتوافق مع ظروف حياتهم، كوسيلة للحد من تنامي مشاعر الكراهية هذه على طريق السعي نحو الاستقرار النفسي، وذلك من خلال نقاش هذه الخلافات بصدق، وايجاد القواسم المشتركة للوصول الى الاحترام المتبادل.


يأتي مثل هذا الهدف الانساني السامي من خلال تربية نزيه صريحة وقائمة على أسس واضحة لتشمل جميع مجالات الحياة: الأسرة، والمهنة، والعلاقات الإنسانية الأكثر شمولاً، ومقاومة التأثيرات السلبية من البيئة وتغيير عادات وتعديل سلوكيات المرء السلبية ، من خلال التصدي، بطريقة غير مباشرة، للقيم المعادية للأسرة وأنماط الحياة السائدة في المجتمعات الحديثة، بحيث يتم إيلاء اهتمام كبير لدور الأسرة التقليدي في النمو الروحي للإنسان مع الجدّية في مناقشة المشاكل الحديثة ذات الصلة في مجالات المحبة والاتصال والزواج والصداقة والمسؤولية المتبادلة.


ولعلّ تفعيل نهج "القدوة" للشباب، بحيث لا قيمة تعليمية بشرح الأفكارالفلسفية للأخلاق بطريقة نظريّة مباشرة، بل يمكن ذلك من خلال توظيف التراث والتجارب الحية لأناس حقيقيين، وإشراك الفرد في مواضيع مختلفة بطريقة تشجعه على التفكير وفهم الذات من خلال طرح المواضيع بأسلوب سلس وغير معقد، وتحفيز التفكير في أسئلة أخلاقية جوهرية، ليست مقتصرة على العلاقات الإنسانية العائلية فحسب، وإنما تتجاوزها لمفاهيم إنسانية أكثر عمقاً كتقبل الآخر، والتسامح، والصدق، والمحبة، والصداقة، والتخلص من العادات والسلوكيات السيئة.


من هنا نضمن للمجتمع، المصغّر أو الكبير، التعرف تدريجياً على عالم القيم العليا مثل المحبة والرحمة والنبل والصلاح والشجاعة، محاولين استخدام ضمير المتعلم والفطرة السليمة لديه كنقطة انطلاق في إظهار القيم الأساسية للوجود البشري، مع ضرورة تحفيز التفكير والحوار في أجواء غير مشحونة بالكراهية والمفاهيم السلبيّة المسبقة، ومن خلال تقديم التوجيه في العلاقات الأسرية والإنسانية من خلال الاستخدام الماهر للحوار بين أفراد المجتمع.


كل هذا يعمل على تخفيف الاضطرابات السيكولوجية والسلوكية، وبالتالي العمل على الحد من حالات العنف المحلي، اذ لا يعقل أن يتم قتل انسان بريء بسبب الخلاف على موقف سيارة أو أية أسباب تافهة شبيهة أخرى.


نحن بحاجة الى سلوكيات تبنى على القيم الأخلاقية المستمدّة من عقيدتنا وثقافتنا الانسانية وقيمنا الوطنية، مع الاعتراف بأنظمة وقيم الاّخر التي قد تكون مختلفة عما تعتقده. ان القبول بحق الآخرين في قيمهم الخاصة، وحقهم في الاختلاف، والتي توفر شروطاً لإظهار المسؤولية الحقيقية، هي المقدّمة الأولى لنبذ العنف بكل أشكاله، مما يتطلب التوافق على معايير وأسس ومبادىء مقبولة للطرفين.


تنطلق هذه الرؤية التربوية من قول العلي القدير "ويتفكرون في خلق السماوات والأرض) و( لقد كرمّنا بني اّدم ) ومن شواهد ادلة طبيعية (اختلاف الليل والنهار) (الجبال ، الوديان والسهول )، فالكل يكمل دور الاّخر .


لتعتق عقولنا وتفكيرنا من غياهب الأنا والتقليد والنقل ودوام محاولة تشويه الاّخر، وليتم توظيف العقل الذي وهبنا اياه الخالق مع نعمتي السمع والبصر .

دلالات

شارك برأيك

الأهمية التربوية الانسانية لمواجهة تفشي الكراهية للاّخر

رام الله - فلسطين 🇵🇸

ا.د. مسلم ابو حلو قبل حوالي شهر واحد

الاخ الدكتور غسان عبد الله حفظه الله . اتمنى بداية لحضرتك الصحة وابعافية واستمرار العطاء البناء . دوما تتحفنا بطروحات وافكار ورؤى تتطلب من كل من يعنيه الامر ابا واما واهلا ومسؤولين ٥ي

المزيد في أقلام وأراء

ما أفهمه

غيرشون باسكن

صفقة التبادل إلى اين ؟

حديث القدس

دور الداخل الفلسطيني

حمادة فراعنة

معركة رفح هل تنقذ نتنياهو ومصيره السياسي ..؟

راسم عبيدات

"الطلبة يساهمون في صنع طريق التغيير وفلسطين هي معيار اختبار العدالة للجميع"

مروان أميل طوباسي

رفح تحت النار.. التصعيد الإسرائيلي يعمق أزمة غزة ويهدد استقرار المنطقة

فادي أبو بكر

قطر ورقة ضغط إسرائيل الخاسرة

سماح خليفة

ألتفاوض على الطريقة الفيتنامية والجزائرية..التفاوض تحت النار وبإسناد محور المقاومة

وسام رفيدي

قناة الجزيرة وانهيار سُمعة إسرائيل الهشّة

أحمد الحيلة

نتانياهو اصطاد العصافير دون النزول عن الشجرة

حديث القدس

القبول الفلسطيني والرفض الإسرائيلي

حمادة فراعنة

إطار للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط

جيمس زغبي

رفح آخر ورقة في يد نتنياهو

بهاء رحال

سامحني أبو كرمل.. أنا لم ولن انساك

خالد جميل مسمار

حرب ظالمة وخاسرة

سعيد زيداني

أن تصبح إسرائيل تاريخًا

فهمي هويدي

أمنوا بالنصر فحققوه ..

يونس العموري

التطبيع.. الدولة العربية، جدلية "المصلحة" والثقافة

إياد البرغوثي

كابينيت الحرب يقرر مواصلة الحرب

حديث القدس

الإصرار الأميركي نحو فلسطين

حمادة فراعنة

أسعار العملات

الخميس 09 مايو 2024 9:40 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.74

شراء 3.73

دينار / شيكل

بيع 5.31

شراء 5.28

يورو / شيكل

بيع 4.03

شراء 3.98

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%75

%20

%5

(مجموع المصوتين 241)

القدس حالة الطقس