أقلام وأراء

الإثنين 25 مارس 2024 9:36 صباحًا - بتوقيت القدس

“الزمرة”.. قصة عاشق داخل نفق في غزة

تلخيص

عمار الزبن، هو روائي آخر أنتجته السجون الإسرائيلية ونضال المقاومة، توقفت بندقيته فناضل بقلمه، وكتب وسرّب من محبسه روايات أبطالها شخصيات حقيقية، ينقلنا فيها إلى لحظاتهم في الميدان، وفي الأسْر.. هو نفسه كان بطل بعض تلك الروايات.

يملك الزبن قلمًا يجعلك تعيش الأحداثَ، كما عاشها أصحابها، وتتخيل نفسك مع أبطال أعماله، وينطلق خيالك لتتصور الأماكن، وتحلّق في شوارع القدس، وجبال نابلس، وقرى فلسطين، وتفكّر في حلول للمآزق، وتعيش مشاعر النضال والعناد والصبر.

والمدهش أن الزبن، هو أسير عاش في السجون أكثر مما عاش خارجها، فقد عرف الزنازين صغيرًا عام 1994، وكان عمره وقتها 16 عامًا، إذ حُكم عليه بالسجن عامين ونصف العام، وعندما خرج شكل خلية “شهداء من أجل الأسرى” التي نفذت عمليات لأسر الجنود الإسرائيليين بهدف مبادلتهم بأسرى فلسطينيين.

وهكذا، تم اعتقاله مجددًا عام 1997، لتصدر المحاكم الإسرائيلية بحقه أحكامًا بالسجن المؤبد 27 مرة، أو ما يعادل 2700 سنة، بتهمة المسؤولية عن عمليات قتل فيها 27 جنديًا إسرائيليًا، وأصيب 323، فأصبح بذلك من أصحاب أعلى المحكوميات في السجون الإسرائيلية، واعتبرت الصحف الإسرائيلية اعتقاله نجاحًا كبيرًا لأجهزة الأمن.

رأيناهم في النفق بشرًا يتبادلون الحكايات، ورأيناهم ملائكة تتعلق أرواحهم وقلوبهم بالله الواحد الأحد، وأخيرًا بعد طول انتظار، حانت اللحظة بعدما تجمع عدد كبير من الجنود فوق أنقاض بيت عماد، فهمس لهم علاء: استعدوا وتوكلوا على الله

أما هو، فقابل الحكم بابتسامة ساخرة، ورفع مصحفه وشارة النصر، ومضى إلى سجنه المظلم مرفوع الهامة.

وبهذا فإن عمره الذي تجاوز الآن نحو 45 عامًا، لم يعش منه خارج السجن إلا 17 عامًا تقريبًا، وفي سجنه حصل على شهادة الثانوية العامة، ثم بكالوريوس العلوم السياسية، ثم الماجستير في العلوم السياسية من جامعة القدس المفتوحة، والتحق بعدها ببرنامج الدكتوراه.

في اعتقاله الثاني، تعرض لتعذيب شديد استمر 3 أشهر خلال التحقيق في سجن المسكوبية، وحرموه من زيارة أهله 8 سنوات، حتى استشهدت والدته خلال مشاركتها في إضراب عن الطعام؛ تضامنًا مع الأسرى في أغسطس/ آب 2004، ثم لحق بها والده، فسمحوا وقتها لزوجته وابنتيه بشائر وبيسان بزيارته عام 2005.

عندما يكتب المقاتل
يقول عمار الزبن: إن أصعب أنواع الكتابة الأدبية أن تكون مشاركًا في الحدث؛ فتكتب ما كنت جزءًا منه، وهذا ما دفعه للتأجيل المتكرر لمشروع الكتابة نحو عشرين عامًا، ولكنه حين تكلم أخيرًا كان جديرًا أن يسمع.

لقد منحته التجربة والمحنة تلك الصفة التي يسميها النقاد: “الأصالة”، وقد قامت أعماله التي قدمها بـ “أنسنة الحدث”، فلم يعد المقاوم فردًا مجهول الهُوية والمشاعر، يمرّ كرقم في نشرة أخبار، أو نقرأ كلماته الأخيرة التي سجلها ومات.. إننا في هذه الروايات نعيش معه حياته كلها، ونشاركه آماله، وإحباطاته، ولحظات صعوده وهبوطه، ونصره أو استشهاده.

كتب الزبن 6 روايات حتى الآن، كلها عن أحداث حقيقية، هي “عندما يزهر البرتقال” و”خلف الخطوط” و”ثورة عيبال” و”أنجليكا” و”الزمرة” و”الطريق إلى شارع يافا”.

مع “الزمرة”
ونقف هنا عند رواية “الزمرة”، وربما نقف مع أعمال أخرى في مقالات قادمة.. كتب الزبن هذه الرواية في سجن رامون بعد أن حصل على تفاصيلها من اثنين من أبطالها تم أسرهما، وتدور أحداثها خلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014، وهي تصور الحياة الإنسانية لهؤلاء الأبطال، وكما هي عادة الزبن فإن العمل، بكل ما فيه من أسماء وتواريخ وأماكن وأحداث، حقيقي من الألف إلى الياء، وقد أهدى روايته إلى رجال نخبة القسام في غزة “تحت الأرض وفوقها وفي لجج بحرها”.

عندما تقرأ الرواية الآن، تنتقل إلى زمن غزة التي كانت يومًا مدينة تضم بيوتًا، لكنها ليست كالمدن ولا كالبيوت، وذلك قبل أن تهدمها الوحشية في حرب الإبادة الأخيرة، فلا تترك فيها حجرًا على حجر.

الحدث يبدأ من حي الأمل بخان يونس، حيث يقيم البطل الأول إبراهيم، تنزل الصواريخ على هذا الحي كالصواعق فتهشم الذكريات، وتحرق خارطة الوطن السليب المعلقة على جدار بيت “أم خالد” (أمه)، وليس هذا إلا استمرارًا لقصة معاناة عاشتها الأم من زمن النكبة عندما طردتها العصابات الصهيونية من بئر السبع، ولا تزال تنتظر العودة لبيتها الذي تملك مِفتاحه.

أما زوجة إبراهيم، فهي نموذج لامرأة فلسطينية تتوقع أن يخرج زوجها لمقاومة الاحتلال فلا يعود، لكنها تحاول أن تقنع نفسها “أن الله -عز وجل – سيبقي لها الرجل الطيب والحبيب الرائع، فليس عدلًا أن تموت القصص الجميلة في غزة، وليس قدرًا أن ينتصر الغزاة علينا، ولا بد أن يقاوم إيماننا باطلهم، حتى تنتصر الحياة ويبقى الحب.. وأنا أكره أن يفارقني زوجي رغم علمي أن الخير في صد المحتلين عنا وعن أرضنا”.

دلالات

شارك برأيك

“الزمرة”.. قصة عاشق داخل نفق في غزة

المزيد في أقلام وأراء

نتانياهو وفيتو صفقة التبادل

حديث القدس

هل ما زالت ألمانيا تكره الحروب؟

وليد نصار

مكاسب استراتيجية للفلسطينيين

حمادة فراعنة

دورنا في مواجهة المعادلات الجديدة في ظل عجز أمريكا وأزمة إسرائيل

مروان أميل طوباسي

حماس وطوفان الأقصى.. والإكراهات الجيوسياسية

ماجد إبراهيم

رفح ثغر الشعب و حبل الصرة مع الأمة

حمدي فراج

رفح بين الصفقة والحرب

حديث القدس

رحيل الطبيب والوجيه الفاضل د. جواد رشدي سنقرط

معتصم الاشهب

الاسرى الفلسطينيون في مواجهة “مخططات هندسة القهر” الإسرائيلية

اسعد عبد الرحمن

هل سيجتاح نتنياهو رفح؟

المحامي أحمد العبيدي

الدولة العميقة في أمريكا تقرر مواصلة الحروب

راسم عبيدات

رفح في مرمى العاصفة

حديث القدس

الدعم الأميركي والعقوبات على «نيتساح يهودا»

إميل أمين

مسارات الحرب في مرحلتها الثالثة

معين الطاهر

وحدة الضفتين أنموذج للفكر الوحدوي الهاشمي

كريستين حنا نصر

لماذا يقف الأردن مع فلسطين

حمادة فراعنة

"عقوبات" أمريكية مع 26 مليار دعم.. تبرئة للمجرمين وتمويه الشراكة بالإبادة

وسام رفيدي

"التخطيط للمستقبل مع قائد السعدي : استراتيجيات التغلب على الأزمات المالية للشركات الناشئة"

قائد السعدي

عالم صامت امام عدوان إسرائيل على كل معالم الحياة البشرية ..!!

حديث القدس

كأن هذه الامة استمرأت الهزائم و لم تعد تحب الانتصار

حمدي فراج

أسعار العملات

السّبت 27 أبريل 2024 8:23 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.81

شراء 3.79

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 4.05

دينار / شيكل

بيع 5.41

شراء 5.39

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%73

%22

%5

(مجموع المصوتين 167)

القدس حالة الطقس