أقلام وأراء

الأحد 24 مارس 2024 10:20 صباحًا - بتوقيت القدس

حرب غزة والمعادلة الصفرية في العلاقات الفلسطينية الداخلية

تلخيص

بينما تواصل إسرائيل حرب الإبادة الشاملة على المستقبل الفلسطيني في قطاع غزة، وترتكب المجزرة تلو الأخرى دون أن يرف لها جفن، تواصل المعادلة الصفرية إحكام سيطرتها على طبيعة العلاقات والتفاعلات الفلسطينية الداخلية، تلك المعادلة التي حكمت المشهد السياسي الفلسطيني، وهيمنت عليه منذ الإنقسام السياسي الداخلي في العام 2006.


والمعادلة الصفرية كما هو معروف في العلوم السياسية تقوم على اعتبار كل طرف خسارة الطرف الآخر مكسبا له، وانتصاره هزيمة له، وفي ضوء هذه المعادلة تبدو صورة الواقع الفلسطيني الراهن قاتمة وعاجزة عن مواجهة آلة القتل والتدمير الممنهج الذي تمارسه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، سواء بالإبادة الجماعية وسياسة الترحيل وخلق بيئة طاردة للحياة في قطاع غزة تمهيداً لفرض سياسة التهجير الطوعي لاحقا في ذهنية المواطن الفلسطيني الغزي، الذي لم تعد أمامه أي فرصة أو إمكانية للحياة الكريمة في القطاع، أو من خلال المداهمات والاعتقالات والاجتياحات اليومية لكافة مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية. هذا بخلاف إطلاق يد المستوطنين للاعتداء على المواطنين الفلسطينيين، وسياسة الضم الزاحف والصامت للأراضي الفلسطينية ضمن المناطق المصنفة (ج) في الضفة الغربية.


كل هذا يحدث فيما يتواصل الفشل الفلسطيني في التصدي له، ذلك الفشل الذي لا يمكن إعادته بأي صورة من الصور إلى اللحظة الراهنة، بل إن مقدماته ومؤشراته كانت واضحة خلال سنوات الإنقسام وربما قبلها، عندما لم تتم أي مراجعة داخلية فلسطينية للمسارات السياسية التي مرت بها الحركة الوطنية والقضية الفلسطينية والتي وقفت عاجزة أمام عملية السور الواقي في العام 2002، والتي استهدفت من خلالها إسرائيل أساسا الانقضاض على اتفاق أوسلو المرحلي، وتحويله إلى اتفاق نهائي يفضي إلى دولة فلسطينية كاملة السيادة ومستقلة.


كان يفترض خلال محطات كثيرة سابقة على القوى الفلسطينية تطوير رؤيتها وأدواتها للمشروع الوطني الفلسطيني، وبناء رؤية فلسطينية موحدة، واختيار أدوات نضالية وكفاحية تلائم طبيعة المشروع الصهيوني، باعتباره مشروعا إحلاليا استيطانيا استعماريا، يهدف في الأصل إلى تقويض الوجود الفلسطيني على الأرض، وتفكيك بنى المجتمع الفلسطيني سياسيا واجتماعيا وثقافيا، من خلال ممارسة كي الوعي الفلسطيني بقدرته على الصمود والانتصار.


لم تنجح القوى الفلسطينية في توحيد الموقف أو توحيد الرؤية والجهود، وفشلت في إدارة الصراع مع الاحتلال الذي بات أكثر شراسة ودموية في استهداف الحياة الفلسطينية، بينما وقفت تلك القوى في موقف المتفرج في أحسن الأحوال منددة بالسلوك الإسرائيلي، تستجدي القوى الدولية والإقليمية للجم الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة والمستمرة على طول الأرض الفلسطينية وعرضها.


الإشكالية أن طرفي الإنقسام ومن يدور في فلكهما كان ينظر لهزيمة الطرف الآخر انتصارا لأفكاره ومنهجه، دون أن ينظر لتلك الهزيمة باعتبارها هزيمة للكل الفلسطيني وللمشروع والقضية والإنسان، فالصراعات الداخلية اعتلت المشهد الفلسطيني وهيمنت عليه، وللأسف حتى اللحظة لم نخرج منها.


يقتل في غزة يوميا ويصاب مئات المواطنين يومياً، على مدار 168 يوما هي مدة الحرب المتواصلة منذ السابع من أكتوبر حتى الآن، ولم تنجح تلك القوى في الخروج بموقف موحد أو بيان موحد، يواجه الهجمة الإسرائيلية، بل انها تواصل اعتماد المعادلة الصفرية في التعامل مع الحرب، وكأنها أصيبت بعمي ألوان لا يمكنها من تحديد حجم التهديد الوجودي الذي تمارسه إسرائيل، حيث يحاول كل طرف أن يضمن وجوده في صورة المستقبل الفلسطيني الذي باتت تتحدث عنه القوى الدولية والإقليمية، اليوم التالي للحرب على غزة.


يشكل بقاء القوى والحركات الفلسطينية في حالة الانتظار والبحث عن دور في مرحلة ما بعد الحرب، المستجيب لشروط الفلسطيني الجديد من وجهة نظر الإدارة الأمريكية والغرب، والقوى الإقليمية المؤثرة نذير خطر على ديمومة واستمرارية تلك القوى التي عليها أن تنتبه إلى أن شرط بقائها الأساسي هو الالتصاق بشعبها وهمومه وقدرتها على حمل أماله وتوقعاته، وإعادة بناء مقومات تماسكه وثباته على الأرض، فالنهوض الفلسطيني يبدأ من خلال استعادة الهوية الجمعية للكل الفلسطيني. هوية تؤمن بالتعددية والشراكة، هوية تنهي حالات الاستفراد والإقصاء، هوية لا تعطي فصيلا الحق في تهديد المصير والوجود الفلسطيني، وإلا فإن تجارب التاريخ تقول بأن التفكيك والإجهاز والتبديد هو المستقبل للحقل السياسي الفلسطيني، كما حصل مع الحقل السياسي ذاته قبل النكبة، وللاسف يبدو أن الفلسطيني لا يتعظ ..!

دلالات

شارك برأيك

حرب غزة والمعادلة الصفرية في العلاقات الفلسطينية الداخلية

المزيد في أقلام وأراء

نتانياهو وفيتو صفقة التبادل

حديث القدس

هل ما زالت ألمانيا تكره الحروب؟

وليد نصار

مكاسب استراتيجية للفلسطينيين

حمادة فراعنة

دورنا في مواجهة المعادلات الجديدة في ظل عجز أمريكا وأزمة إسرائيل

مروان أميل طوباسي

حماس وطوفان الأقصى.. والإكراهات الجيوسياسية

ماجد إبراهيم

رفح ثغر الشعب و حبل الصرة مع الأمة

حمدي فراج

رفح بين الصفقة والحرب

حديث القدس

رحيل الطبيب والوجيه الفاضل د. جواد رشدي سنقرط

معتصم الاشهب

الاسرى الفلسطينيون في مواجهة “مخططات هندسة القهر” الإسرائيلية

اسعد عبد الرحمن

هل سيجتاح نتنياهو رفح؟

المحامي أحمد العبيدي

الدولة العميقة في أمريكا تقرر مواصلة الحروب

راسم عبيدات

رفح في مرمى العاصفة

حديث القدس

الدعم الأميركي والعقوبات على «نيتساح يهودا»

إميل أمين

مسارات الحرب في مرحلتها الثالثة

معين الطاهر

وحدة الضفتين أنموذج للفكر الوحدوي الهاشمي

كريستين حنا نصر

لماذا يقف الأردن مع فلسطين

حمادة فراعنة

"عقوبات" أمريكية مع 26 مليار دعم.. تبرئة للمجرمين وتمويه الشراكة بالإبادة

وسام رفيدي

"التخطيط للمستقبل مع قائد السعدي : استراتيجيات التغلب على الأزمات المالية للشركات الناشئة"

قائد السعدي

عالم صامت امام عدوان إسرائيل على كل معالم الحياة البشرية ..!!

حديث القدس

كأن هذه الامة استمرأت الهزائم و لم تعد تحب الانتصار

حمدي فراج

أسعار العملات

السّبت 27 أبريل 2024 8:23 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.81

شراء 3.79

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 4.05

دينار / شيكل

بيع 5.41

شراء 5.39

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%73

%22

%5

(مجموع المصوتين 167)

القدس حالة الطقس