أقلام وأراء

الأربعاء 28 فبراير 2024 9:46 صباحًا - بتوقيت القدس

أكلنا الصبر من صبرنا

تداول نشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو لرجل يسكن شمال غزة وهو يقوم بتقشير ألواح الصبر وأكلها، في محاولة منه لسد الجوع والبقاء على قيد الحياة، وقد كان يردد أكلنا الصبر من صبرنا، فعجز الصبر عن صبرنا.


الجوع وصل الحد الذي لا يمكن لأحد أن يسمع عنه من دون أن يشعر بالحزن والخيبة، ومن دون أن ينكس رأسه في ظل المجاعة والإبادة والحصار الذي يتعرض له أهلنا في قطاع غزة، بينما العالم كله يقف منحازًا غير مبالٍ بآهات الجوع والموت، وصيحات الصغار الباحثين عن أي شيء يملأون به بطونهم.


قوافل الإمداد والمساعدات متكدسة على الحدود، بينما لا يسمح لها بالمرور والدخول إلى القطاع، في الوقت الذي بعض الناس يموتون جوعًا خاصة في شمال القطاع، ونحن نسمع أصوات ندائهم واستغاثتهم يسمعها العالم، ويسمعها الشقيق والصديق ولا أحد يتحرك لكسر هذا الحصار الظالم، ومد غزة بالمعونة التي تحتاجها.


مخطط تهجير الناس من الشمال تضمن القصف المباشر وعمليات الإبادة الجماعية وقتل الآلاف من الشهداء، وعندما فشل المخطط أمام ثبات الناس فوق ركام بيوتهم المهدمة قرر الاحتلال قتلهم بالجوع ومحاصرتهم حتى لا تصلهم أية معونات، وعلى هذا النحو من الإجرام قام بعزلهم عن باقي جغرافيا غزة المحاصرة، ووضعهم تحت قرارات عسكرية في مساحة تفتقر للغذاء والدواء.


أكلنا الصبر من صبر بلادنا التي عجز عن صبرها الصبر، أكلنا من صبرنا لا من فاكهة الغرباء، هكذا ظهرت تعابير وجه الرجل الذي أكل الصبر في شمال غزة، وهذا ما رصدته عين الكاميرا، وما خفي كان أعظم وأكثر قسوة وقهرًا وبشاعة، وما غاب عن الصورة من مشاهد توجع النفس وتدمي القلب، حيث شعبنا يتعرض لأبشع عملية إبادة جماعية وتطهير عرقي، وهو لا يزال يعيش المعاناة بصبر وثبات.


الصبر يا صبر غزة، صبرها وعشبها وحشائش الأرض التي أكلتها الناس قبل مواسم الحصاد، وقبل ربيع الأقدار، وقبل تفتح الأزهار، وقبل ترعرع العشبِ.


التجويع أداة من أدوات الحرب التي يستخدمها الاحتلال، فمنذ اليوم الأول عمل جيش الاحتلال على ضرب وقصف مراكز ومخازن الطعام، حتى التابعة للأمم المتحدة لم تسلم من التدمير، وضرب كل آبار المياه وعطل وسائل الضخ منها، وشدد الحصار من كل الجهات، وقطع الكهرباء ومنع دخول السولار والغاز، ومع مرور أيام الحرب وصل الحال إلى كارثة لا يزال العالم صامتًا أمامها، ولم يتخذ خطوات فعلية لوقف هذه الإبادة التي يتعرض لها الناس في غزة.


قيل إن الجوع كافر، ونقول إن الاحتلال أبو الكفار، وهو يواصل إبادته بشتى الطرق والوسائل، ويستهدف الكبار والصغار والأطفال الذين لا يجدون وجبة حليب واحدة في اليوم. وكلما استمرت الحرب، زادت معاناة الناس الذين يعيشون ظروفًا مستحيلة، وقد بدت تنتشر بينهم الأمراض وتظهر على أجسامهم علامات التعب والجفاف، وإذا ما استمرت الأوضاع على هذا النحو فإننا نقترب من حدوث مجاعة حقيقية ستلتهم أرواح الكثيرين.


قالوا الصبر مفتاح الفرج، ولسان حال أهل غزة يقول: لقد أكلنا الصبر، ولكن متى سيأتي الفرج؟

دلالات

شارك برأيك

أكلنا الصبر من صبرنا

المزيد في أقلام وأراء

أقل الكلام

إبراهيم ملحم

هناك خطة للغد

غيرشون باسكن

إسرائيل تصارع اوهام النصر

حديث القدس

الاحتلال الإسرائيلي بين «الذكاء الاصطناعي» و«الغباء الفطري»

عماد شقور

المفاوضات بين حماس والمستعمرة

حمادة فراعنة

المحاكم.. مكان لاختبار الصبر!

سمر هواش

تأملات-- النساء الفاضلات كثيرات

جابر سعادة / عابود

هل هو تنازع على من يخدم إسرائيل أكثر؟

فتحي أحمد

التعافي من الفاقد التعليمي واستقرار منظومة التعليم

ثروت زيد الكيلاني

اليابان: غزة والشرق الوسط

دلال صائب عريقات

شكراً تونس

رمزي عودة

تأثير الحرب على التعليم.. دمار شامل بغزة وصعوبات كبيرة بالضفة

رحاب العامور

إسرائيل تحاول التنصل من جرائمها

حديث القدس

الفعل وليس القرارات ما هو مطلوب

حمادة فراعنة

حراك الجامعات في مواجهة ألة القمع الإسرائيلية

زاهي علاوي

استكشاف هندسة الأوامر: الابتكار والتطور والتأثير على المستقبل

صدقي أبو ضهير

‏ الحكومة الجديدة وأهمية دعم القطاع الزراعي

عقل أبو قرع

معاداة السامية" ... سلاح ظلم وبغي

عطية الجبارين

القادمون من السراديب والذاهبون إليها

حمدي فراج

القمة العربية ما بين الوقائع والاستحقاقات اللازمة

مروان أميل طوباسي

أسعار العملات

الأحد 19 مايو 2024 10:55 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.73

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.31

شراء 5.29

يورو / شيكل

بيع 4.06

شراء 4.01

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%8

%92

(مجموع المصوتين 85)

القدس حالة الطقس