أقلام وأراء

الإثنين 22 يناير 2024 11:57 صباحًا - بتوقيت القدس

هل يصبح أنصار الله الحوثي لاعباً إقليمياً؟

تكمن الأهمية الإستراتيجية للبحر الأحمر في موقعه الجغرافي الذي يربط بين ثلاث قارات: أفريقيا وآسيا وأوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، مروراً بقناة السويس المصرية، فهو يعتبر ممراً ملاحياً مهماً في مجال الجغرافيا السياسية والاستراتيجية. تتداخل هذه الأهمية وتتفاوت بالنسبة للدول المشاطئة والقوى الإقليمية والدولية، ما بين أهميته الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولكن تبقى الأهمية الاقتصادية والأهمية العسكرية والأمنية هما أكبر الدوافع للتنافس الإقليمي والدولي على البحر الأحمر والتخوم المجاورة له.
نتيجة هذه الأهمية جعلت الدول والقوى الكبرى، قديماً وحديثاً، تحاول الهيمنة على البحر الأحمر وباب المندب، وتسعى بشتى السبل لأن يكون لها موضع قدم على شواطئ البحر الأحمر بشكل عام وعلى مضيق باب المندب بشكل خاص. وكانت شواطئ الدول المطلة عليه سبباً في استعمارها.
تعتبر سيطرة أنصار الله الحوثي على باب المندب وبحر العرب معضلة كبيرة تقلق الدول العظمى، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، لهذا سارعت أمريكيا لحشد الدعم الأممي لحماية حرية الملاحظة في البحر الأحمر، وكان ثمرة هذا الحشد ما تعرضت لها الحركة الحوثية لدك معاقلها في البحر الأحمر، كما تعرضت منصات الصواريخ التابعة لها لضربة قوية أيضا. هذا الحشد العالمي كان المراد منه إيصال رسائل من أهمها هو بأن البحر الأحمر خط أحمر ممنوع لكائن من كان أن يعرض الملاحة البحرية للخطر.
لقد كان الهدف الأبرز لتدخل الولايات المتحدة هو رسالة تفيد بسيطرتها التامة على الممرات المائية حول العالم، بجانب حماية إسرائيل وحماية سفنها من الخطر الحوثي الذي بات بعد طوفان الأقصى أكثر تهديداً للتجارة الإسرائيلية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مما زاد من حجم الضغط على إسرائيل فضلا عن حربها على غزة.
ليست هناك قوى أسطورية في هذا العالم. هناك أساطير معرضة دائماً للسقوط. على ما يبدو بأن حركة أنصار الله الحوثي ماضية في تعريض السفن التي تبحر في عباب البحر الأحمر لتهديدها المباشر، وتقول يجب على إسرائيل الكف عن عدوانها على غزة، وهذا المطلب المعلن. أما ما هو مخفي لا شك بأن إيران لها اليد الطولى في تحريك أذرعها في المنطقة، تريد تحقيق بعض ما تصبو إليه، قد تكلمنا حوله في مقالات سابقة، وهو فرض حضورها وهيمنتها على المنطقة، أضف إلى ذلك استغلال الحرب على قطاع غزة لكي يكون هنالك فسحة من الوقت لكي تحقق برنامجها النووي.
مما تقدم نلاحظ بأن البحر الأحمر أضحى بطحاء للنزاع الأممي على مياهه وكأن العرب في سبات عميق، الصورة واضحة وتتلخص في صراع إيراني غربي في الوقت الذي تقول إيران وتردد في إعلامها بأن البحر الأحمر وبحر العرب هما فارسيان، من هنا علينا أن ندرك بأن غزة والعدوان على الشعب الأعزل هناك ما هو إلا شماعة أو مبرر لكي تحصل طهران على بعض من الحصص في البحر.
وضمن الصورة أيضًا، بل في قلبها الضربات التي تعرض لها الحوثي قبل أيام لا تعني القضاء على الحركة وثنيها من التعرض للسفن الإسرائيلية، ربما تتوسع الدائرة لتشمل دول التحالف وخصوصاً السفن البريطانية والأمريكية، هذا يشي لديمومة الوضع في البحر الأحمر وزيادة وتيرته في قادم الأيام، لكن حجم هذا الصراع لم يتضح بعد لكن يبقى بشكل يوصف بأنه حرب استنزاف، الخاسر هو الغرب، والرابح طهران ، ولكن هذا لا يشكل ورقة ضغط كافية على إسرائيل لكي توقف حربها على غزة، فرغم إن طريق الرجاء الصالح طويل وشاق ومكلف فهذا هو بديل لإسرائيل، في الوقت الراهن لكن الولايات المتحدة الأمريكية تعتبر هذا تهديداً لسيادتها على البحر الأحمر في الوقت الذي تتربص الصين وروسيا لأمريكيا وتراقب ما يجري في البحر الأحمر من بعيد، وفي ظل وجود تقارب روسي صيني إيراني حول الصراع في البحر الأحمر الذي ما هو إلا صراع عالمي على البحر بأدوات محلية.
الخلاصة رحل المستعمرون عن تراب أوطاننا، لكن أطماعهم ظلت تسبح فوق مياه بحرنا ومنافذه، بينما تغرق حقوق الدول المشاطئة وأحلام شعوبها في أعماق البحر وما من شك، في تحقيق إسرائيل لمكاسب سياسية وأمنية وعسكرية كبيرة في البحر الأحمر وباب المندب، كان قبل طوفان الأقصى لكن يبقى المشهد النهائي في من يسيطر على البحر الأحمر ضبابيا، وخصوصاً ونحن نتكلم عن صراع عالمي بمعنى الكلمة.
الأيام القادمة سوف تكشف مرحلة جديدة من الوضع الذي سيكون عليه البحر الأحمر. ومن المنظور الإستراتيجي، تتعرض الولايات المتحدة الأميركية بحسب النماذج الصحفية المختارة إلى خسائر إستراتيجية في ظل إصرارها على التمسك بورقة دعمها لأسرائيل.

دلالات

شارك برأيك

هل يصبح أنصار الله الحوثي لاعباً إقليمياً؟

نابلس - فلسطين 🇵🇸

فلسطيني قبل 4 شهر

هكذا لا يفهم الاحتلال وامريكا وجل الغرب الا لغة الحوثي البطل

المزيد في أقلام وأراء

إسرائيل تحاول التنصل من جرائمها

حديث القدس

الفعل وليس القرارات ما هو مطلوب

حمادة فراعنة

حراك الجامعات في مواجهة ألة القمع الإسرائيلية

زاهي علاوي

استكشاف هندسة الأوامر: الابتكار والتطور والتأثير على المستقبل

صدقي أبو ضهير

‏ الحكومة الجديدة وأهمية دعم القطاع الزراعي

عقل أبو قرع

معاداة السامية" ... سلاح ظلم وبغي

عطية الجبارين

القادمون من السراديب والذاهبون إليها

حمدي فراج

القمة العربية ما بين الوقائع والاستحقاقات اللازمة

مروان أميل طوباسي

أمريكا وحروب الإبادة: سجل حافل بالصناعة أو التورط

صبحي حديدي

انتظروا بياناً هاماً ...!!

سمير عزت غيث

اليوم التالي ووهْم حلّ الدولتين

محمد الهندي

ألسنة اللهب ترتفع في الجنوب والشمال والدبلوماسية الدولية تكتفي بالأقوال ..!!

حديث القدس

احتجاجات الجامعات: تحولات كمية.. إلى نوعية

د. أسعد عبدالرحمن

بداية التعافي الاقتصادي في الأردن

جواد العناني

النكبة وسرديّة المخيّم الكبرى

سمير الزبن

الجامعات والإعلام ودورهما في تعزيز"الانتماءِ للقضية الفلسطينية"

تهاني اللوزي

المقاومة ونتنياهو ولعبة الوقت

بهاء رحال

القضاء على الشعب الفلسطيني

حديث القدس

النكبة مستمرة

حمادة فراعنة

"إسرائيل" عالقة بين معادلتي العجز في التقدم والعجز في التراجع

راسم عبيدات

أسعار العملات

الجمعة 17 مايو 2024 12:34 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.71

شراء 3.7

يورو / شيكل

بيع 4.02

شراء 4.0

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.2

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%7

%93

(مجموع المصوتين 73)

القدس حالة الطقس