أقلام وأراء

الأربعاء 20 أبريل 2022 10:26 صباحًا - بتوقيت القدس

ليكن الأمن والنظام العام في رحاب الأقصى مسؤولية رجال الوقف الإسلامي حصراً


بقلم : المحامي ابراهيم شعبان


ما عاد الجمهور اليهودي بكل أشكاله وألوانه، يحترم فتاوى الحاخامات القديمة التي أصدروها عشية السابع من حزيران من عام 1967، والقاضية بحظر الزيارة لباحات المسجد الأقصى المبارك، فقد حل محلها فتاوى من أكثر عشرين منظمة صهيونية يمينية تطلب وتحث على الخطو في ساحاته ولوانينه وعلى ترابه وتقدمة القرابين في جنباته. ما عادت الشرطة الإسرائيلية تحظر دخول المتطرفين اليهود إلى مصلى باب الرحمة وتوصي بذلك أمام المحكمة العليا الإسرائيلية غير العادلة، بل غدت تحضهم على الدخول واقتحام قدسية المسجدين ( الأقصى والصخرة) بشكل مكثف وتسأل عن علة تخلفهم إن تباطئوا أو تثاقلوا. ما عادت الحكومة الإسرائيلية تعمل على منع الدخول قطعان المستوطنين إلى رحاب المسجد الأقصى المبارك بحجة المحافظة على الأمن والنظام العام، بل ندمت أشد الندم لأنها دخلت هذا المسار قديما وقبلت بوصاية الأوقاف الأردنية وتعاملت معه وتجاهلت سابقة الحرم الإبراهيمي الشريف. ما عاد النظام الرسمي الإسرائيلي يقبل ويعترف حتى بما يسمى بالستاتس كو ( الوضع القائم ) ، بل يقوم بتغييره كل يوم ويدعو إلى تغييره عبر أفعال وممارسات كثيرة وتفاصيل عديدة. ما عاد اي شيء يوقف نهم الحكومة الإسرائيلية سوى التقسيم المكاني للمسجد الأقصى الذين يسعون إليه ويخططون له بعد أن حققوا التقسيم الزماني. وفي ذهنهم وفي أدراجهم وضمن خططهم سيناريو التقسيم المكاني على وجه الأكيد. ويبقى تحديد ساعة الصفر للقيام بفعلتهم النكراء .هذا امر أكيد لا نقاش فيه لكن الخلاف والغامض يكمن حول التاريخ والإخراج.
ما قامت به أجهزة الأمن الإسرائيلية يوم الجمعة الثانية من شهر رمضان ما هو إلا بالون اختبار من بالونات عدة لقياس ردة الفعل الفلسطينية الشعبية أطلقتها في الماضي، فهو أمر واضح لكل من له عينان أن كل الأمر كان مختلقا من قبل الشرطة الإسرائيلية. وقطعا كان الأمر بالتنسيق مع الحكومة الإسرائيلية التي يرأسها رئيس مجلس المستوطنات في الضفة الغربية سابقا ووزيرة داخليته تسمى شاكيد لا تعنى إلا بالحقد على الفلسطينيين. فهل يعقل أن مثل هؤلاء الأشخاص يريدون خيرا للاقصى والمسلمين.
أفعال الشرطة الإسرائيلية باقتحام المسجد الأقصى وتواجدهم المكثف على أرضه هو المهم، وليس الكلمات المعسولة المكذوبة التي يرددونها في أجهزتهم الإعلامية وعلى لسان مسؤوليهم. المهم أفعالهم الهمجية المتمثلة بطرد المصلين المسلمين بالقوة المسلحة، وضربهم وجرحهم وإطلاق قنابل الغاز والرصاص الماطي والمعدني القاتلين عليهم. أما دعوات التهدئة ما هي إلا سموم مكشوفة لوصولهم لهدفهم المطلوب، فهم يرغبون في مكان خال تماما أو جزئيا من المصلين المسلمين، ويسعون إليه بكل ما أوتو من قوة، ويستغلون الظروف الخارجية للمقدسيين المسلمين أبشع استغلال.
السلطات الإسرائيلية بكل فروعها وقضائها وأجهزة الإعلام وتلفازه بقنواته، وصحافته تلعب لعبة قذرة وتحاول أن تلعب لعبة الحمل البريء في موضوع الأقصى، والصلاة البريئة بين جنباته. وهي مسيرة قديمة يجب أن لا تنسى تفاصيلها ولا شجونها. بدأت هذه المسيرة التي ظاهرها لين وباطنها قسوة ووحشية عندما حاول اليهود الإستيلاء على حائط البراق عام 1929 وارتكبوا الموبقات بعد أن حاولوا في باب الرحمة قبل خمسمائة عام . لكن اللجنة الدولية لعصبة الأمم قررت في حكم هام لها أن حائط البراق ملك إسلامي خالص وللمسلمين حقوق عينية كاملة عليه. ولم يكن أمامهم سوى الرضوخ لهذا القرار الذي ترجم إلى تشريع بريطاني انتدابي بقي مطبقا. وفي عام١٩٦٧ سنحت لهم الفرصة باحتلالهم القدس العربية فأعملوا معول الهدم والتجريف في المنازل والمدارس والوقفيات لتشكيل ساحة حائط البراق. وأوقف الإحتلال الإسرائيلي هذا التشريع ألإنتدابي بل عملوا بعكسه، حيث أقاموا أبنية إسمنتية في الساحة كخرق واضح لهذا التشريع. واستولت أجهزة الأمن على مفتاح باب المغاربة وأدخلت قوات أمنها هناك. وما لبثت أن أدخلت جحافل منها إلى داخل باحات المسجد الأقصى، وغدت تصول وتجول في الحرم القدسي الشريف دونما رادع أو ضمير أو قانون، حيث تضرب الشيخ والسيدة والطفل والشاب. بل وصل بها العدوان والإستهتار أن اعتلت سطح المسجد الأقصى المبارك وكسرت نوافذه الزجاجية البورسلانية الرائعة الأثرية التي قل مثيلها في فعل بربري همجي، من أجل فعل همجي أكثر ألا وهو قصف المصلين المعتكفين داخل المسجد بقنابل الغاز والرصاص المطاطي. وتتصرف قوات الأمن الإسرائيلية كأنها صاحبة اختصاص وصاحبة سيادة وسلطان رغم أنها غازية محتلة. ولا تتصرف كذلك في أي مكان إسرائيلي عام آخر كالجامعات والملاعب والكنس والمظاهرات ولا تجرؤ. وفي كل مرة تعتدي على المصلين المقدسيين، تحاول تضليل السلطات ألأردنية والمصرية والعربية بإسماعهم كلاما عذبا ، أو أن هذا غير مقصود وإمعانا في التضليل تطلب التهدئة وتطييب النفوس بعد أن تكون قد قتلت أو شوهت أو خلقت عاهات لمتعبدين مصلين أبرياء. وما انفكت الأجهزة الإسرائيلية تتشدق بحرية العبادة وحرية الأديان وهي التي لم تقرأ كتاب ابتدائي يشرح الحرية الدينية لكنه الصلف الإسرائيلي والعنجهية الإسرائيلية. وكأنهم يخاطبون أطفال حضانة في موضوع يسمى بالحرية الدينية. النظام الإسرائيلي يود بث الياس وأفكاره في جنبات الشعب المقدسي الفلسطيني، فهو لا يمل من تكرار تجارب فاشلة سابقة على أمل نجاحها يوما. لقد فشلت الأبواب الإلكترونية وفشل الحارقون وفشل المندسون فاتعظوا أيها النائمون.
النظام الإسرائيلي نظام اعتمد طيلة وجوده على نقض التزاماته وعدم الوفاء بها إلا إذا اقتضت مصلحته ذلك. نظام لم يحترم قرار التقسيم رقم 181، ولم يحترم حق العودة في قرار 194، ولم يحترم الإنسحاب في قرار 242. نظام ينظر بشكل دوني للقانون الدولي، ويحتقر المؤسسات الدولية، نظام لم يحترم تطبيق اتفاقية جنيف الرابعة على الأراضي المحتلة، نظام لا يقيم وزنا للمعاهدات التي عقدها ويصدق عليها متل التعذيب والحقوق المدنية والسياسية. نظام لا يلتزم بتصريحات قيادته بل ينقضها إذا واتته الفرصة. نظام عنصري يقيم فصلا عنصريا ويعقل الأطفال ويحتجز الجثامين والأسرى لمدد غير إنسانية وغير معقولة. نظام لا يحترم حقوق المدنيين المقدسيين الفلسطينيين، فحذار من التعامل معه وورطاته.

المسجد الأقصى المبارك بمساحته ال144 دونما أرض محتلة ، تماما كما هي القدس العربية بكاملها أرض محتلة يحكمها القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وليس لأجهزة الأمن الإسرائيلية بكل اذرعها أي اختصاص أو صلاحية بما يجري ويجب أن لا يدخل أي رجل أمن إسرائيلي ساحات الأقصى إلا بموافقة دائرة الأوقاف المقدسية. فهل تدخل أجهزة الأمن الإسرائيلية رحاب الجامعات الإسرائيلية، هل يدخلون المستشفيات ويعسكرون داخلها، هل يدخلون البلديات ويقيمون مراكز لهم، فلماذا لا يوثق بهذه الدائرة المحترمة الإسلامية التي لها طاقمها وحراسها المدربون لكفالة الأمن والنظام العام في رحاب الأقصى الذي هو من صميم سلطتها وصلاحيتها، ويشهد لهم القاصي والداني بعملهم المهني النزيه وبقدرتهم عليه.
مطلب المقدسيين المسلمين بسيط للغاية، حيث أن وجود الشرطة الإسرائيلية وأجهزة الأمن الإسرائيلية هو السبب المباشر وغير المباشر لهذا التوتر المستمر، والإعتداء على المقدسات الإسلامية. فلتتوقف فورا الشرطة الإسرائيلية عن الدخول لساحات المسجد الأقصى بمساحته الكاملة أي مائة وأربعة وأربعين دونما لأي سبب، ولتتولى دائرة الأوقاف صلاحياتها كاملة. هذا مطلب إسلامي مقدسي فلسطيني يقدم للمعنيين وللمفاوضين فهو حجر الرحى لأي حل عادلٍ باقٍ في القدس، وإلا ستبقون تدقون الماء في الهاون أو ستصبحون على تقسيم مكاني لا تعلم عقباه !!!


شارك برأيك

ليكن الأمن والنظام العام في رحاب الأقصى مسؤولية رجال الوقف الإسلامي حصراً

المزيد في أقلام وأراء

قلق كبير على حياة الرئيس الإيراني

حديث القدس

أهل النقب المغيَّبون

حمادة فراعنة

خيارات إسرائيل الصعبة بعد رفح

أحمد رفيق عوض

التبني الغربي لإسرائيل

عقل صلاح

قمة المنامة تقدم في الشعارات وعجز مزمن في التنفيذ

راسم عبيدات

فصول النكبة تتواصل مع جرائم الحرب والصمود الأسطوري

نهى نعيم الطوباسي

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية

عبد المنعم سعيد

في زمن التيه

يونس العموري

أقل الكلام

إبراهيم ملحم

هناك خطة للغد

غيرشون باسكن

إسرائيل تصارع اوهام النصر

حديث القدس

الاحتلال الإسرائيلي بين «الذكاء الاصطناعي» و«الغباء الفطري»

عماد شقور

المفاوضات بين حماس والمستعمرة

حمادة فراعنة

المحاكم.. مكان لاختبار الصبر!

سمر هواش

تأملات-- النساء الفاضلات كثيرات

جابر سعادة / عابود

هل هو تنازع على من يخدم إسرائيل أكثر؟

فتحي أحمد

التعافي من الفاقد التعليمي واستقرار منظومة التعليم

ثروت زيد الكيلاني

اليابان: غزة والشرق الوسط

دلال صائب عريقات

شكراً تونس

رمزي عودة

تأثير الحرب على التعليم.. دمار شامل بغزة وصعوبات كبيرة بالضفة

رحاب العامور

أسعار العملات

الإثنين 20 مايو 2024 10:57 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.73

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.31

شراء 5.29

يورو / شيكل

بيع 4.07

شراء 4.02

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%9

%91

(مجموع المصوتين 94)

القدس حالة الطقس