أقلام وأراء
الثّلاثاء 09 أبريل 2024 10:20 صباحًا - بتوقيت القدس
عالم انحطاط بشري
تلخيص
لنتوقف طويلا عند القتل الجماعي، أو الإبادة للمدنيين في قطاع غزة لمدة من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وطوال ستة أشهر حتى نهاية آذار / مارس 2024، والحبل ما زال على الجرار. وذلك لنسأل، ونطرح أسئلة حول هذه الجريمة الجماعية للمدنيين، بصورة متصلة، يوما بعد يوم على مدى 180 يوما، وأسبوعا بعد أسبوع، على طول ستة أشهر.
السؤال الأول: هل سبق وعرف الصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، قتلا جماعيا للمدنيين مثل هذا منذ 75 عاما، أو حتى منذ مائة عام ونيف؟ بالتأكيد لم يحدث مثل هذا، وما كان من المتوقع، أو المتصوّر، أن يحدث هذا، وذلك سواء على نطاق عالمي، أم على نطاق عربي وإسلامي وفلسطيني.
صحيح أن جرائم ضد المدنيين حدثت كثيرا، بل وتحدث في كل حرب، ولكن ما من إحداها تشبه ما حدث ويحدث في غزة. وربما نبخس من حجمها وخطورتها ومغزاها، لو قلنا إن قتل المدنيين في الحربين العالميتين، أو في الحروب مع الاستعمار الغربي، لا سيما في القرن التاسع عشر، جاوزها من حيث عدد القتلى والجرحى من المدنيين بعشرات الملايين. ولكن مع ذلك، لا يمكن أن يقاس بما حدث في قطاع غزة، لا من جهة الشكل، ولا من جهة المحتوى، ولا من ناحية الهدف والتعمّد، ولا من جانب القاتل وضحاياه. وذلك بدليل أن ما حدث في غزة شدّ العالم كله شدا، ترك وسيترك من الآثار في أنفس الملايين وعشرات الملايين، من مختلف شعوب المعمورة، كما لم يحدث من قبل، حتى في الحروب العالمية.
يمكن أن نقول؛ إن الحرب التي شنّها ويشنها الجيش والمستوطنون، حرب مجنونة لا تدخل في إطار “العاقلين” من مرتكبي جرائم القتل الجماعي. انظروا فقط أننا أمام جريمة ومرتكبها وضحاياها تحت الصورة والمشهد، ولا سيما القتل الجماعي للأطفال، وجثثهم وجراحهم وصراخهم. والمرتكب يفعلها كأن لا أحد يراه، ويتصرف كأنه “إنسان طبيعي عادي عقلاني”، مسموح له أن يفتك بعشرات ومئات الآلاف، كأنه يحصد قمحا وشعيرا، وربما ما راح يسمعه في داخله من أصوات، كلها تهتف له وتصفق إعجابا.
إن الحرب التي شنّها ويشنها الجيش والمستوطنون، حرب مجنونة لا تدخل في إطار “العاقلين” من مرتكبي جرائم القتل الجماعي.
عندما يصل الوضع العقلي والنفسي في قادة الاحتلال وداعميهم ومشجعيهم إلى هذا الحد، يكون العالم قد دفن كل ما يمكن اعتباره قانونا دوليا، وأخلاقا وقِيما، وتراثا إنسانيا وحضاريا على مستوى عالمي، وليس على مستوى محلي فقط. أي هي انتقالة إلى مرحلة الوحوش التي تحكم العالم بألوان من الوحشية التي لم تعرفها الغابة، والمهدّدة للإنسان بأسوأ علاقات، وأسوأ ما يمكن أن ينحط إليه البشر.
من هنا، عندما لا يجد المرء ما يفسّر ما فعله قادة الاحتلال الإسرائيلي ومن ناصرهم وأيّدهم، وحتى الذي بإمكانه ردعهم، فسكت عنهم بفقدان الصواب أو الجنون. ومن ثم فقدان حتى لبقايا ضمير أو أخلاق أو إنسانية، لا يُبالغ ولا يتجنى، ويقترب من حالة لم تعرف من قبل. ركِّزوا فقط على قتل الأطفال، وما وصل إليه القاتل من درك يخرجه من عالم البشر.
هذا يعني أن الإنسانية جمعاء أصبحت مسؤولة عن وقفه وردعه والحجر عليه، وإلا، تهدد كل من له نصيب من إنسانية في العالم. إنه انتقال إلى ما هو فوق البربرية والوحشية والغرائزية اللابشرية.
ولقد كان د.طه عبد الرحمن مصيبا حين وصفه بـ”الشر المطلق”، الذي “لا نجد فيه ذرة خير كيفما قلبناه”، وسنجد “كل وجه فيه أكثر إيذاء من سابقه”.
هذا يعني أن الإنسانية جمعاء أصبحت مسؤولة عن وقفه وردعه، واجتثاث الجنون الذي وراءه، وإلا تهدّد كل ما له نصيب من إنسانية في العالم. إنه سقوط للحضارة الغربية، وما ادّعته من قِيَم ودين، وما أسمته أنوارا وديمقراطية، وحقوق إنسان.
حقّا إنه “الشر المطلق” الذي يتهدّد كل شعوب العالم وحضاراته، حين لا يتوقف وتستمر حمايته، ولا يوقف عند حدّه.
دلالات
المزيد في أقلام وأراء
قلق كبير على حياة الرئيس الإيراني
حديث القدس
أهل النقب المغيَّبون
حمادة فراعنة
خيارات إسرائيل الصعبة بعد رفح
أحمد رفيق عوض
التبني الغربي لإسرائيل
عقل صلاح
قمة المنامة تقدم في الشعارات وعجز مزمن في التنفيذ
راسم عبيدات
فصول النكبة تتواصل مع جرائم الحرب والصمود الأسطوري
نهى نعيم الطوباسي
شاهد على مصر والقضية الفلسطينية
عبد المنعم سعيد
في زمن التيه
يونس العموري
أقل الكلام
إبراهيم ملحم
هناك خطة للغد
غيرشون باسكن
إسرائيل تصارع اوهام النصر
حديث القدس
الاحتلال الإسرائيلي بين «الذكاء الاصطناعي» و«الغباء الفطري»
عماد شقور
المفاوضات بين حماس والمستعمرة
حمادة فراعنة
المحاكم.. مكان لاختبار الصبر!
سمر هواش
تأملات-- النساء الفاضلات كثيرات
جابر سعادة / عابود
هل هو تنازع على من يخدم إسرائيل أكثر؟
فتحي أحمد
التعافي من الفاقد التعليمي واستقرار منظومة التعليم
ثروت زيد الكيلاني
اليابان: غزة والشرق الوسط
دلال صائب عريقات
شكراً تونس
رمزي عودة
تأثير الحرب على التعليم.. دمار شامل بغزة وصعوبات كبيرة بالضفة
رحاب العامور
الأكثر تعليقاً
مقتل 20 جندياً في اشتباك من المسافة الصفر واستهداف مروحية بصاروخ
بن غفير: على نتنياهو إقالة غالانت وغانتس وطرد الفلسطينيين من غزة
لليوم الـ13.. الاحتلال يواصل إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم
اليابان: غزة والشرق الوسط
جهود حثيثة تبذل للتخفيف من الأزمة المرورية على شارع رام الله القدس
الجيش الإسرائيلي حول المستشفى التركي بغزة لقاعدة عسكرية لعملياته
شهود يتحدثون لـ"القدس": نزوح قرابة نصف سكان رفح في رحلة ذلّ وقهر
الأكثر قراءة
الرجوب: لا يمكن للفيفا أن يواصل غض الطرف عن الانتهاكات المستمرة في فلسطين
نتنياهو: غانتس ينذرني بدلا من "حماس"
بدء تفريغ المساعدات بميناء غزة العائم
مارك زوكربيرغ.. مؤسس فيسبوك يغضب التونسيين بجملة على قميصه
إلى جانب رئيسي.. شخصيات بارزة كانت على متن طائرة الرئيس الإيراني
قمة المنامة.. تفقد جدواها إن لم تلتزم بقراراتها وتنفذ تعهداتها
إستقالة قائد شرطة القدس
أسعار العملات
الإثنين 20 مايو 2024 10:57 صباحًا
دولار / شيكل
بيع 3.73
شراء 3.72
دينار / شيكل
بيع 5.31
شراء 5.29
يورو / شيكل
بيع 4.07
شراء 4.02
بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟
%8
%92
(مجموع المصوتين 98)
شارك برأيك
عالم انحطاط بشري