أقلام وأراء

الجمعة 12 مايو 2023 10:27 صباحًا - بتوقيت القدس

رجعت حليمة لعادتها القديمة

يُقال إن حليمة هي زوجة حاتم الطائي الذي اشتهر بالكرم. أما هي فاشتهرت بالبخل، فكانت إذا أرادت أن تضع سمناً في الطبخ، ارتجفت الملعقة في يدها. ويقال إنها لم تكن حتى تضع السمن في الطبخ ولم يرق ذلك لسيد الكرم زوجها. فأراد حاتم أن يعلمها الكرم فقال لها: إن الأقدمين كانوا يقولون إن المرأة كلما وضعت ملعقة من السمن في طنجرة الطبخ زاد الله بعمرها يوماً، وقل الشيب في رأسها فأخذت حليمة تزيد ملاعق السمن في الطبخ، حتى صار طعامها طيبًا وتعودت يدها على السخاء ولما مات ابنها الوحيد الذي كانت تحبه أكثر من نفسها، جزعت حتى تمنت الموت، وأخذت لذلك تقلل من وضع السمن في الطبخ حتى ينقص عمرها وتموت فقال الناس: “عادت حليمة إلى عادتها القديمة". فقصة حليمة مختلفة عما يفكر به الاحتلال، لا يوجد وجه شبه بينهما، ففي نظرهم كلها مغامرات رابحة، فالكرم عندهم بالأطنان لزيادة عمر دولتهم كناية عن كلما زاد حجم عملياتهم في نظرهم ضد الفلسطينيين عمرت الدولة أكثر، لهذا عادت حكومة الاحتلال مجدداً بسياسة الاغتيالات ضد نشطاء من حركة الجهاد الإسلامي، والذي أدى مؤخراً إلى استشهاد ما يقل عن ستة عشر شهيدا في قطاع غزة، والضفة الغربية، وفي الوقت الذي يحاول العالم تبريد المنطقة لكن نتنياهو وحكومة اليمين ماضون في سياستهم التصفوية واقصاء الاخر.


الخدعة ديدن الاحتلال
لقد جمدت حكومات إسرائيل المتعاقبة سياسة الاغتيالات، لكنها عادت لتطل برأسها من جديد، كأسلوب لردع وتخويف الفصائل الفلسطينية من مغبة تكرار اطلاق الصواريخ من قطاع غزة، فرغماً عن تدخل الوسطاء لرأب الصدع، لهذا جاءت عمليات الاغتيال الأخيرة لتصدير الأزمة الداخلية في إسرائيل، وبعدما تعرض رئيس حكومة الاحتلال لانتقاد لاذع من ائتلاف حكومته من اليمين المتطرف حول فتور الرد على اطلاق الصواريخ من قطاع غزة ، كابن غفير وسموتريتش، مما دفع نتنياهو لاستئناف عمليات التصفية الجسدية لنشطاء من تنظيم الجهاد الإسلامي، يريد بيبي نتنياهو من هذا السلوك وهو التركيز على عناصر من الجهاد الإسلامي، والنأي بحماس عن المعركة وتحيّدها، لتكون الجهاد لقمة سائغة له، حتى كتابة هذه المقالة ما زالت الأمور على تخوم قطاع غزة هادئة، مع الحذر الشديد من قبل المستوطنين الذين اخلوا منازلهم خوفاً من ردات فعل من قبل التنظيم المستهدف.


الصراع مستمر
لكن يبقى السؤال هو، هل عملية الاغتيال التي تمت فجر يوم الثلاثاء هي نهاية الحرب بين الجهاد الإسلامي وحكومة الاحتلال؟ لا يوجد هنالك نهاية للصراع بين الفلسطينيين بكافة مشاربهم والاحتلال، ما دام ثمة وجود احتلال جاثم على صدروهم، فالمواجهة مستمرة، إسرائيل غير معنية فهذا الوقت بالذات بتبريد جبهة الضفة الغربية ولا حتى غزة، بعد أسبوعين سيكون هنالك تصويت على موازنة إسرائيل في الكنيست، وهذا يستدعي أن تحصل حكومة نتنياهو على 61 صوتا حتى يستطيع نتنياهو تمرير الموازنة، وفي حال عدم اكتمال النصاب فأن خطرا سوف يداهم حكومته وبالتالي سوف تسقط ويعلن عن انتخابات كنيست جديدة، وهذا ما لا يريده نتنياهو.


تراجع تأييد حكومة نتنياهو

حسب استطلاعات الرأي والتي تشير لتقدم المعارضة بفارق سبعة إلى ثمان مقاعد، هذا يعني سقوط نتنياهو المدوي، وخضوعه للمحاكمة على قضايا فساد، في المقابل فأن اليمين المتطرف شريك الليكود في الحكم غير معني ايضا بالانسحاب من الحكومة الحالية، فخيار نتنياهو هو الوحيد بالنسبة لهم، وفي حال تم حل الحكومة فإن بعض الأحزاب اليمينية قد لا تصل لنسبة الحسم، أو تحصل على أصوات اقل بالإضافة إلى عدم قبولهم في المعارضة التي تتصدر أعلى الأصوات، هذا في حال جرى انتخابات للكنيست في وقتنا الحالي. اذن زعيم الليكود يريد ان يمسك العصا من الوسط اولاً للحفاظ على ائتلافه قدر الإمكان، وثانياً إرضاء المجتمع الدولي، وأحلاهما مر وصعب تحقيقه في ظل رفض المجتمع الدولي لسياسة اليمين المتطرف في إسرائيل، قد تصمد حكومة إسرائيل الحالية في الحكم بعض الوقت، لكن ثمة مؤشرات تدلل على عكس ذلك منها إصرار اليمين على تعديل القانون، واصرارهم أيضا على اخلاء الخان الأحمر، والسعي للتصويت على قرار يقضي بإعدام الاسرى وغيرها الكثير لكن هذا قد لا يتماشى مع سياسة نتنياهو الذي يحاول أن يكون أقل تطرفاً من الصهيونية الدينية، ولربما يخرج عن صمته ولا يستطيع تحمل حجم الضغوطات الداخلية والخارجية لفترة طويلة، وبالتالي يعلن عن موعد انتخابات جديدة.


اعترافات قاداتهم
يعتبر الدكتور بنحاس يحزقيلي، وهو رئيس سابق لقسم الأبحاث الاستراتيجية والسياسات في الجيش الإسرائيلي، أن كلمة اغتيال هي "صيغة ملطفة للقتل العمد والإعدام دون محاكمة" وأن الدول تلجأ إلى هذه السياسة ضد جهات تعتبرها (إرهابية) لتحقيق عدة أهداف تتراوح بين أغراض عسكرية بحتة مثل الردع ومنع تنفيذ عملية وشيكة أو ما يوصف إسرائيليا بالقنبلة الموقوتة، وصولا إلى أغراض معنوية مثل رفع معنويات الجمهور والانتقام والرد على عملية موجعة يجزم ألون بن دافيد أن سياسة الاغتيالات "لا تؤدي إلى انتهاء ظاهرة "الإرهابيين" بل استبدالهم بآخرين فقط" وأنها قد تقود إلى نتائج عكسية وإلى تغذية دوامة الدم والعنف وتوسيعها، كما أنها لا تشكل بديلا عن الوسائل الأخرى، بالإضافة إلى ضررها على صورة إسرائيل أمام الرأي العام العالمي، وتعريض ضباط وقادة إسرائيليين للملاحقة قضائيا في المحاكم الدولية.

دلالات

شارك برأيك

رجعت حليمة لعادتها القديمة

المزيد في أقلام وأراء

رفح بين الصفقة والحرب

حديث القدس

رحيل الطبيب والوجيه الفاضل د. جواد رشدي سنقرط

معتصم الاشهب

الاسرى الفلسطينيون في مواجهة “مخططات هندسة القهر” الإسرائيلية

اسعد عبد الرحمن

هل سيجتاح نتنياهو رفح؟

المحامي أحمد العبيدي

الدولة العميقة في أمريكا تقرر مواصلة الحروب

راسم عبيدات

رفح في مرمى العاصفة

حديث القدس

الدعم الأميركي والعقوبات على «نيتساح يهودا»

إميل أمين

مسارات الحرب في مرحلتها الثالثة

معين الطاهر

وحدة الضفتين أنموذج للفكر الوحدوي الهاشمي

كريستين حنا نصر

لماذا يقف الأردن مع فلسطين

حمادة فراعنة

"عقوبات" أمريكية مع 26 مليار دعم.. تبرئة للمجرمين وتمويه الشراكة بالإبادة

وسام رفيدي

"التخطيط للمستقبل مع قائد السعدي : استراتيجيات التغلب على الأزمات المالية للشركات الناشئة"

قائد السعدي

عالم صامت امام عدوان إسرائيل على كل معالم الحياة البشرية ..!!

حديث القدس

كأن هذه الامة استمرأت الهزائم و لم تعد تحب الانتصار

حمدي فراج

"نيتساح يهودا" ... رشوة سخيفة ونكتة سمجة في قصة هزلية

تيسير خالد

مئتا يوم على حرب إبادة غزة

بهاء رحال

يحق لحماس أن تتباهى

حمادة فراعنة

التقرير الأخير حول عمل الاونروا.. دسمه قليل وسُمه كثير

سامي مشعشع

نتنياهو ومحاولات قتل الأسرى الإسرائيليين في غزة

حمزة البشتاوي

٢٠٠ يوم على أطول عدوان ضد قطاع غزة

حديث القدس

أسعار العملات

الخميس 25 أبريل 2024 10:01 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.79

شراء 3.77

دينار / شيكل

بيع 5.37

شراء 5.34

يورو / شيكل

بيع 4.08

شراء 4.02

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%21

%5

(مجموع المصوتين 164)

القدس حالة الطقس