فلسطين

الجمعة 21 أكتوبر 2022 5:34 مساءً - بتوقيت القدس

نابلس المُحاصَرَة.. "الزنانة" في السماء والجنود على الأرض والمستوطنون فوق التلال

نابلس –  "القدس" دوت كوم - تقرير: عماد سعادة – لا يوجد ما يوحي بأن رفع الحصار عن مدينة نابلس ومحيطها والذي مضى عليه أحد عشر يومًا بات قريبًا، بل على العكس فكل المعطيات ترجح مزيدًا من التصعيد وتشديد الحصار في ظل رغبة الاحتلال بتركيع المدينة ووأد مقاومتها التي باتت رمزًا وملهمًا لجيل من الشباب ممن لم يتذوقوا طعم الحرية يومًا.


يمضي الاحتلال في حصاره للمدينة، محاولًا بكل خبث خلق فجوة بين الأهالي والمقاومة التي باتت مجموعات "عرين الأسود" رمزها ونار وقودها، والإيحاء بأن هؤلاء المقاومين هم السبب فيما آلت اليه آوضاع المدينة، وأن القادم سيكون الأسوأ.


ونُقِل عن أحد تجار المدينة قوله معلقًا على الأوضاع الراهنة التي تعيشها نابلس: "نابلس اليوم تبيع الوهن والجبن والخوف، وتشتري العزة والكرامة، ونابلس وتجارتها وأهلها بخير ما دام (عرينها) بخير"، بهذه الكلمات المختصرة والمؤثرة والحكيمة أوجز تاجرنا معادلة رضينة، على القاصي والداني أن يفهم أبعادها جيدًا.


تاجر آخر، فضل عدم ذكر اسمه قال: "هؤلاء الشبان الذين يحملون أرواحهم على أكفهم، هم بالتالي أبناؤنا، وهم أغلى من كل التجارة والمحلات،  فالمال والتجارة تعوض، لكن دماء الشهداء لا تعوض".


وما ينطبق على التجار في عاصمة فلسطين الاقتصادية، ينطبق على الشرائح المجتمعية الأخرى، وهنا يقول السائق الخمسيني جميل (أبو محمد) بأن "نابلس عاشت خلال الانتفاضة الثانية حصارًا امتد لسنوات طويلة، وهي لم تمت، وها هي النار تخرج من تحت الرماد أكثر قوةً ولهبًا".


ورأى الموظف الحكومي سائد جابر (45 عامًا) بأن "الاحتلال يحاول أن يستفرد بنابلس وخنقها، كي لا تنتقل جذوة المقاومة منها إلى بقية مناطق الضفة، وهذا ما يفرض على بقية المحافظات مؤازرة نابلس لكي لا ينطبق عليها غدًا المثل القائل (إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض)".


وبدأ الاحتلال بفرض الحصار والاغلاق على نابلس  في الحادي عشر من الشهر الجاري، وذلك بعد ساعات من مقتل احد جنوده برصاص مسلحين فلسطينيين بالقرب من مستوطنة "شافي شمرون" المقامة فوق أراضي المواطنين المصادرة من قرى وبلدات شمال غرب نابلس.


والجندي القتيل كان يؤمن الحماية وقتها لعشرات المستوطنين الذين خرجوا في مسيرة من مستوطنة "حومش" المخلاة باتجاه مستوطنة "شافي شمرون" مارسوا خلالها كل ألوان العربدة والاستفزاز للمواطنين الفلسطينيين.


وقد أعلنت مجموعة "عرين الأسود" الموجودة في مدينة نابلس مسؤوليتها عن العملية وعدة عمليات أخرى في مناطق متفرقة، ما دفع الاحتلال لفرض الحصار على المشدد على المدينة.


الحصار بدأ باغلاق مدخل دير شرف والتي تعتبر البوابة الغربية لمدينة نابلس. كما عمد إلى تفعيل الحواجز العسكرية المنتشرة حول المدينة، وأغلق عشرات الشوارع الرئيسية والفرعية ما أدى إلى عرقلة الحياة الطبيعية وحركة التنقل وأعاق نقل البضائع ووصول الموظفين والعمال والطلاب إلى مقاصدهم، كما يحول دون وصول المزارعين إلى حقولهم لقطف الزيتون الذي بدأ موسمه هذه الأيام.


ويقول مواطنون بأن الحصار يأخذ هذه المرة بعدًا مختلفًا عمّا كان عليه الحال خلال الانتفاضة الثانية؛ إذ أن المستوطنين الذين قويت شوكتهم خلال السنوات الأخيرة يشاركون اليوم في فرض الحصار على المواطنين، من خلال الهجمات التي يشنونها على القرى والبلدات الفلسطينية القريبة من المستوطنات(حوارة مثالاً)، أو من خلال قطع الطرقات ورشق السيارات الفلسطينية بالحجارة، والعربدة في شوارع الضفة بحماية من جيش الاحتلال، وكذلك مهاجمة المزارعين ومنعهم من الوصول إلى أراضيهم وحقولهم.


وقال أحد المواطنين ملخصًا الحكاية :" نحن نتعرض اليوم لحصار شامل؛ "فـ(الزنانة) في السماء، والحواجز العسكرية على على الأرض، والمستوطنون ينتشرون بيين التلال والجبال".


وفي دلالة على سياسة العقاب الجماعي التي يمارسها الاحتلال بحق المواطنين الفلسطينيين، فإن الحصار شمل كذلك منع العائلات من زيارة أبنائها الأسرى في سجونه حتى اشعار آخر، وفقا لما أعلنته اللجنة الدولية للصليب الأحمر.


وقال أحد أباء الأسرى معلقًا :"إنه الاحتلال الذي يتعامل مع أبنائنا كرهائن لديه وأوراقًا للمساومة"، مضيفًا: "كرامتنا فوق كل اعتبار وباب السجن لن يغلق على أحد، وحتمًا سنرى أبناءنا محررين رغمًا عن أنف الاحتلال".


هذا وأقرت لجنة المؤسسات والفعاليات والقوى الوطنية في محافظة نابلس سلسلة فعاليات وطنية بهدف كسر الحصار، بدأت الخميس بفعالية جماهيرية استهدفت إعادة فتح مدخل دير شرف المغلق بالسواتر الترابية، إلا ـن قوات الاحتلال قمعت الفعالية بقوة ومنعت المواطنين من إعادة فتح الشارع، الأمر الذي  يؤشر على أن اغلاقه سيستمر لفترة طويلة.


وتستعد اللجنة لتنظيم مجموعة من الفعاليات الإضافية خلال الأيام القادمة، داعيةً مؤسسات حقوق الإنسان الدولية والبعثات الدبلوماسية والصحافة الأجنبية لزيارة مدينة نابلس، والاطلاع على معاناة المواطنين والجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق أبنائها.


وبحسب رئيس غرفة تجارة وصناعة نابلس، عمر هاشم، فإن الاعمال التجارية في مدينة نابلس قد تأثرت بفعل الحصار
بنسب تتراوح بين 40 – 70%، كما تأثرت الانتاجية في المصانع بنسبة 50%، وتأثرت عمليات التسويق والمبيعات ونقل البضائع والمنتجات بنسب مختلفة وفق كل قطاع، مما يدلل على التأثر المباشر للمنشآت الاقتصادية بهذا الإغلاق المشدد.

دلالات

شارك برأيك

نابلس المُحاصَرَة.. "الزنانة" في السماء والجنود على الأرض والمستوطنون فوق التلال

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الخميس 02 مايو 2024 10:13 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.75

شراء 3.72

دينار / شيكل

بيع 5.29

شراء 5.26

يورو / شيكل

بيع 4.02

شراء 4.0

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%75

%20

%5

(مجموع المصوتين 201)

القدس حالة الطقس