فلسطين

الجمعة 07 أكتوبر 2022 7:15 مساءً - بتوقيت القدس

مسؤولان من جنوب افريقيا يدعوان الفلسطينيين إلى استلهام تجربة بلديهما

نابلس – "القدس" دوت كوم - عماد سعادة – دعا مسؤولان بارزان في دولة جنوب افريقيا، كانا عدوين لدودين خلال عهد النظام العنصري، وانتهى بهما المطاف كصديقين وشريكين في الحكم بعد مرحلة التحول الديمقراطي وانتهاء عصر"الابارتهايد" في بلديهما، الفلسطينيين إلى استلهام التجربة الجنوب افريقية كطريق لحل الفضية الفلسطينية وانهاء الصراع الدائر.


وردّ عليهما في المقابل سياسيون واكاديميون وباحثون وناشطون شبابيون فلسطينيون، بأن تجربة جنوب افريقيا نموذج يستحق التقدير والاحترام، لكن الوضع لدينا مختلف، اذا اننا امام احتلال شرد شعبنا ودمّر وطننا وبنى دولته على انقاضه، ولا يدخر جهدا للسيطرة على ما تبقى من أرض وزرعها بالمستوطنات والمستوطنين، فيما العالم الذي دعم تجربة جنوب افريقيا، يصفق للاحتلال الإسرائيلي ويغض الطرف عن جرائمه، ويشيح بوجهه عن حقوق شعبنا.


جاء ذلك خلال لقاء حواري حول "تجربة جنوب افريقيا كنموذج للمصالحة والعمل المشترك" عقد في "حديقة الوحدة" في مدينة نابلس بتنظيم من جمعية بذور للتنمية والثقافة ومؤسسة (Forward Thinking) اللتين استضافتا في هذا اللقاء عضوي  لجنة المصالحة والمفاوضات لانهاء الابارتهايد في جنوب افريقيا، "رولف ماير" وهو من الحزب الوطني وشغل منصب وزير دفاع سابق في حكومة جنوب افريقيا في الفترة ما بين 1991- 1992،  و"محمد بحابحة" وهو من  حزب المؤتمر الوطني الافريقي، ووزير حكم محلي سابق في الفترة ما بين 2001-2004.


وافتتح مدير جمعية بذور، الدكتور رائد الدبعي، اللقاء بالتأكيد على أن الوحدة الوطنية الفلسطينية ليست خيارا بين خيارات متعددة بل هي مسار اجباري من أجل مستقبلنا ومستقبل أبنائنا، مشددا على ايماننا المطلق بأنه من غير الممكن أن نحقق إنجازا وطنيا وننعتق من الاحتلال ومن التمييز العنصري دون أن نكون موحدين.


وأضاف بأن جنوب افريقيا ظلت لعقود أحد نماذج التمييز العنصري، وقد اتخذ العالم مواقف أخلاقية مناهضة للتمييز العنصري بما في ذلك مقاطعة الرياضة في جنوب افريقيا.


وأشار الدبعي إلى أن التنوع والتعدد الموجود في جنوب افريقيا تحول إلى نقاط قوة بعد أن استطاعت هذه الدولة، التي تخلت عن صنع القنبلة النووية، أن تتحول الى نموذج للديمقراطية والتعددية.


وقال الدبعي بأن هذا الامر ما كان أن يتم لولا وجود نخب مجتمعية وحزبية رجال ونساء عملوا بمنطق الفريق الواحد من أجل وطنهم جنوب افريقيا.


بدوره، قال مسؤول الملف الفلسطيني في مؤسسة (Forward Thinking)، مورجان جوردان، بأن مؤسسته تعمل في الساحة الفلسطينية منذ اكثر من 20 عاما، وهي تتعامل مع مختلف الفصائل الفلسطينية، مؤكدا على أهمية إبقاء باب الحوار مفتوحا.


وأوضح أن المؤسسة تسعى لدعم الجيل القادم من الفلسطينيين، هذا الجيل الذي يحتاج إلى الامل والشعور بأن الامور سوف تتحسن وان القادم افضل.


من ناحيتهما، تحدث كل من  "ماير" و"بحابحة" عن تجربتيهما الشخصية كناشطين سياسيين في حزبين متاقضين، وعن روح العداء التي كانت سائدة بينهما في ظل نظام الفصل العنصري، وكيف تحولا إلى صديقين وشريكين في الحكم بعد جولات من التفاوض بين الفريقين والوصول إلى تسويات افضت إلى انهاء نظام الفصل العنصري ووضع دستور جديد يحقق المساواة ويضمن حقوق المواطنين على حد سواء، وتنظيم اول انتخابات ديمقراطية غيرت وجه جنوب افريقيا.


وأشارا إلى أن النظام الساسي في جنوب إفريقيا في الفترة التي سبقت التحول الديمقراطي كان نظامًا سلطويًا لا يعرف التعددية ولم تكن هناك أي مشاركة فعلية للاثنيات السوداء، وكانت الهيمنة الفعلية لصالح الحزب الوطني في الفترة بين عامي 1948 – 1994،  ولكن السنوات الأخيرة من حكم الحزب الوطني وتحديدا ما بين (1989-1994) شهدت انفتاحًا تمثل في الدخول في مفاوضات مع الزعماء السود  وعلى رأسهم نيلسون مانديلا، وإضفاء الشرعية على المعارضة السوداء، وإلغاء نظام الأبارتايد في عام 1991، وتوجت هذه المفاوضات بالنجاح بوضع دستور مؤقت عام 1994، وإقامة انتخابات ديمقراطية فاز بها المؤتمر الوطني بزعامة نلسون مانديلا.


وأشار إلى أن ما ساهم في الوصول إلى التسوية في جنوب افريقيا هو وجود قيادة متفهمة قادرة على التحفيز من اجل الوصول إلى حل.


وقال "بحابحة" بأن حزب المؤتمر الوطني كان ناجحا ونسج علاقات دبلوماسية مهمة حشدت الرأي العام العالمي لصالح انهاء نظام الفصل العنصري، وهذا ما يمكن أن يقتدي به الفلسطينيون.


وأضاف بأن حزبه لم تكن لديه القوة العسكرية لفرض التغيير، فيما كان الطرف الاخر الحاكم يمتلك القوة العسكرية والتكنولوجيا، والعلاقات الدبلوماسية، لذا بدأنا بالتفكير بالمفاوضات وتحفيز الأشخاص المتعقلين في الطرف الاخر على سلوك ذات الدرب للوصول إلى تسوية، وكان حشد التأييد الدولي لصوت الاعتدال امرا سهلا ومهما للغاية.


وأشار بحابحة إلى أن حزب المؤتمر الوطني لم يكن متجانسا بالكامل وكان لدينا مشاكل وفجوات واعتراضات هنا وهناك، ولكن في النهاية تم حشد الجميع لصالح الوصول إلى حلول، وها هو المجتمع المدني هو من يحكم البلاد اليوم.


من جهته، قال "ماير" بأن القضية الفلسطينية هي اهم قضية تحتاج لصنع السلام، مشيرا إلى أنه قرأ تاريخ الرئيس ياسر عرفات والتقاه مرارا، آخرها عندما كان الأخير محاصرا في آخر غرفة تبقت من مبنى المقاطعة في رام الله.


وتحدث عن الظروف التي قادت إلى صنع السلام في جنوب افريقيا، ومن بين ذلك الشجاعة التي تحلى بها كل من "ديكليرك" و"مانديلا" اللذين لم يضيعا الفرصة الملائمة لصنع السلام، وشرعا بالحديث والحوار، موضحا أن تغير قيادة جنوب افريقيا ومجيء قيادة جديدة عام 1989 قد مهد لتغيير المشهد برمته.


وأشار إلى أن من عوامل نجاح تجربة جنوب افريقيا انه كان لدينا نظرة شمولية لكل الناس، وكنا موحدين من اجل الوصول إلى حل، وبناء شراكة حقيقية، واستبدال الكره فيما بيننا بالصداقة والشراكة، وهذا بالطبع لم يولد بين ليلة وضحاها.


وأضاف باننا صنعنا شراكتنا بانفسنا ولم نطلب من العالم أن يأتي لحل مشكلتنا او يتفاوض نيابة عنا، بل جلسنا ونظرنا في اعين بعضنا البعض وتبادلنا النصائح لحل المشاكل وتذليل العقبات، وفي نهاية المطاف نجحنا وصنعنا المستحيل.


الفلسطينيون المشاركون في الحوار، ومنهم المستشار السياسي السابق للرئيس عرفات، سعيد كنعان، والناشطة النسوية الدكتورة عصمت الشخشير، والقياديون في في "فتح" جهاد رمضان وسرحان دويكات وسمير دوابشة، والاكاديمي الدكتور فواز عقل، والناشطون الشباب محمد الرجوب ومحمد النيرب ونضال مطاوع ومنى ويارا، وآخرون أجمعوا على احترام التجربة الجنوب افريقية، ولكنهم في المقابل أشاروا إلى وجود فوارق بين القضيتين الفلسطينية والجنوب افريقية، ففي جنوب افريقيا واجهوا حكما سلطويا انتهج سياسة التميز العنصري بين البيض والسود، في حين اننا نواجه احتلالا شرسا يستهدف الانسان الفلسطيني وارضه ويحاول طمس تاريخه ومحوه من ذاكرة العالم كليا.


وأشار المحاورون الفلسطينيون إلى أن المجتمع الدولي الذي وقف إلى جانب انهاء سياسة الفصل العنصري والوصول إلى تسوية في جنوب افريقيا، تراه يقف متفرجا وصامتا حيال الحقوق المنهوبة والمشروعة لشعبنا الفلسطيني، بل ومدافعا في الكثير من الحالات عن ممارسات الاحتلال.


وذكّر البعض بأننا كفلسطينيين خضنا تجربة المفاوضات مع الإسرائيليين، وكان لدينا "ياسر عرفات" ولديهم "اسحاق رابين" مثلما  كان لديكم "ديكليرك" و"مانديلا"،  وعندكم صنع الاثنان سلاما حقيقيا، فيما عندنا وبعد توقيع اتفاقية "أوسلو" قتلت "الصهيونية، أولا إسحاق رابين، ثم قتلوا ياسر عرفات، لأنه ليس لديها رغبة حقيقية في الوصول إلى اية تسوية او سلام، وها هي النتائج على الأرض تؤكد ذلك.

دلالات

شارك برأيك

مسؤولان من جنوب افريقيا يدعوان الفلسطينيين إلى استلهام تجربة بلديهما

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الإثنين 29 أبريل 2024 9:46 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.8

شراء 3.79

دينار / شيكل

بيع 5.37

شراء 5.35

يورو / شيكل

بيع 4.1

شراء 4.04

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%73

%22

%4

(مجموع المصوتين 178)

القدس حالة الطقس