فلسطين

السّبت 06 أغسطس 2022 8:23 مساءً - بتوقيت القدس

أغرقوه بالدم... مشاهٌد مُروعة من اعتقال الشيخ بسام السعدي

مخيم جنين- "القدس" دوت كوم- تقرير علي سمودي- الصور التي نشرها الاحتلال حول وضع قائد حركة الجهاد الإسلامي في الضفة الغربية الشيخ بسام راغب عبد الرحمن السعدي بعد اعتقاله والتنكيل به وتعرضه للإصابة، غير كافية بالنسبة لزوجته الأسيرة المحررة نوال سعيد سليمان السعدي، والتي ضمت صوتها لمن يطالبون بالافراج الفوري عنه والسماح للصليب الأحمر و مؤسسات حقوق الانسان بزيارته فوراً والاطمئنان على حياته.


تقول " أم ابرهيم"  لـــ"القدس"، "أشعر أن حياته بخطر"، خاصة بعد أن قصّت علي ابنتي عن تلك اللحظات التي وصفتها بالأصعب والأقسى في تجارب أسرتها مع الاحتلال الذي لم يتوقف عن استهدافها منذ انتفاضة الحجر ، مضيفةً " الصور غير كافية .. وهناك خطر وقلق مستمر حتى لم اعد قادرة على النوم في ظل تضارب الأخبار والروايات خاصة بعد قرار المحكمة تمديد توقيفه بناء على طلب المخابرات ".


منذ ارتباطها بالشيخ بسام، لم يمض يوماً بحياة الزوجة نوال " أم إبراهيم"، دون استهداف الاحتلال لعائلتها التي لم يسلم  أحد من رصاصه ومطاردته وسجنه، فكان بينهم الشهيد والجريح والأسير  وفي مقدمتهم رفيق دربها الشيخ بسام السعدي الذي فرق الاحتلال شمله عن عائلته لسنوات طويلة جراء ملاحقته وحملات الدهم والعقاب المستمرة لعائلته والتي كان آخرها الاثنين المنصرم، عندما اقتحم الاحتلال منزل عائلته في مخيم جنين، ونكل بزوجته وكريمته، وأعاده لغياهب السجون بعد اعتداء وحشي، ولم يمض على تحرره منها سوى عامين، لينضم لنجله المعتقل صهيب.


"عائلتنا لا تعرف طعم النوم والفرح "، قالت"أم ابراهيم" وهي ما زالت طريحة الفراش بمنزلها الذي عاث فيه الاحتلال فساداً بعد احتجاز أفراد أسرتها والاعتداء عليها، ما أدى لدخولها إلى مستشفى ابن سينا التخصصي.


وأضافت " كلنا مطلوبين ومستهدفين والاحتلال يطاردنا ويرصدنا على مدار الساعة، بسبب ملاحقته لزوجي الشيخ بسام الذي لم يتوقف عن مطاردته منذ اندلاع انتفاضة الحجارة، فغاب عن منزلنا في كل المناسبات، وأنجبت أبنائي التسعة ووالدهم مطلوب أو معتقل".


مساء الاثنين الماضي، غير ضباط المخابرات سلوكهم وعاداتهم في عمليات الدهم التي كانت تجري عادةً في ساعات الفجر الأولى، فعندما كان يجلس الشيخ بسام وسط أسرته بعد صلاة العشاء، سمع صوت حركة مريبة في محيط المنزل كما تروي زوجته، "سارع للنظر نحو الشارع من النافذة، وعندما شاهد الجيش، ركض مهرولاً نحو الباب الخلفي للإفلات من قضبتهم".


"أم ابراهيم" التي تعاني  من أمراض عدة، إثر الاعتقالات المتعددة، وخضعت لعملية استئصال جزء من الرئة مؤخراً ، تضيف " حاول الشيخ الهرب ولم نعلم بوقوعه في الكمين، فقد اقتحم الجنود المنزل، واحتجزوني مع بناتي وأحفادي الصغار السبعة، ضربوني بشكل وحشي دون سبب، ثم ألقونا في المطبخ وهم يضربون ابنتي التي دافعت عن نفسها"، وتكمل " من شدة الضرب، وقعتُ وأغمي علي، ورفضوا السماح لابنتي باستدعاء الاسعاف، وبقيت محتجزة حتى انتهت العملية ".


بصعوبة بالغة تحدثت المحررة نوال لمراسلنا، فما زلت رهينة الألم وتعيش لحظات انهيار وقلق على مصير زوجها الذي نقله الاحتلال لسجن عوفر ، وتتضرع لرب العالمين أن يحميه ويرعاه ويشفيه، لكن كريمتها التي اطلقت على بكرها اسم شقيقها الشهيد عبد الكريم وزوجة الأسير أشرف الجدع الذي اعتقل مع والدها، روت لمراسلنا باقي تفاصيل الساعة الرهيبة التي عاشتها وتعرضت فيها للضرب الوحشي.


  "أم عبد الكريم" ابنة الشيخ بسام روت لـ"القدس" ما جرى، وقالت،"فجأة اقتحمت الوحدات الخاصة المدججة بالسلاح وبرفقة الكلاب البوليسية المنزل، كنت أحمل طفلي الرضيع، فاحتجزونا وشرعوا بالتحقيق معي وسؤالي عن والدي، وهم يؤكدون لنا بأنه كان في المنزل ويصرخون أين هرب ؟"، وتضيف " قلت لهم والدي غير موجود في المنزل، فصرخوا وهم يوجهون أسلحتهم نحوي "أنت كذابة"، وضربوني وحاولوا انتزاع طفلي مني، وإرغامي على مرافقتهم، لكني رفضت ودافعت عن نفسي وضربت الجندي".


وتابعت، حَوَّل الجنود المنزل لثكنه عسكرية، وازداد غضبهم بعد تفتيشه وعدم العثور والدها، وتقول " بعد دقائق، أرغموني على الحديث عبر الهاتف الخلوي مع ضابط المخابرات الذي هددني، وطلب مني إبلاغ الجنود عن مكان والدي، فقلت له لا أعرف، وألقيت الهاتف ورفضت مواصلة الحديث معه"، وتضيف " استشاط الجنود غضباً، وأطلقوا كلابهم نحوي، وحاولوا إخراجي معهم لاستخدامي كدرع بشري، في ظل إطلاق النار الكثيف حول المنزل، ولكني رفضت الخروج، فضربوا والدتي حتى أغمي عليها ومنعونا من علاجها"،متابعة، "واصل الجنود التحقيق معي، وتحت تهديد السلاح، اقتادوني لغرفة مجاورة والكلب خلفي مباشرة، فكانت لحظات مروعة عندما وجدت والدي ممداً على الأرض وغارق في بركة من الدماء التي ملأت وجهه وجسده والأرض حتى أنني لم أتمكن من معرفته بسبب ذلك".


لم ينته المشهد، فالجنود يريدون من ابنة الشيخ بسام، الاعتراف أن الشخص الممد على الأرض والدها، وتقول " عندما أدخلوني،كنت اسمع أنينه القوي ولهاثه من شدة الضرب، الدماء غمرته ولم أعرفه حتى شاهدت عينيه، فأدركت أنه والدي الذي كان يعاني كثيراً وهم يواصلون ضربه، ورغم ذلك ، قلت لهم، هذا عمي غسان وليس والدي"، مضيفةً، "شعرت بصدمة وكابوس رهيب والدماء تنزف من رأس والدي دون أن يقدموا له أي علاج أو رعاية، واستمر التحقيق معهم، وهدفهم سماع كلمة واحدة مني أنه والدي، لكني تمسكت بموقفي، وأنا مذهولة، فطوال حياتي لم أرى مثل هذا المشهد، لكني حافظت على أعصابي في محاولة مني لانقاذ والدي"، وتكمل "منذ صغرنا، اعتدت على مداهمات الاحتلال واعتقال والدي وإخواني، ولم نكن نخاف لحظة، لكن تصرفات وتعامل الجنود هذه المرة كان وحشياً ومختلفاً، فقد انتزعوا طفلتي بعمر 6 سنوات من أحضاني وأدخلوها للغرفة للتعرف على جدها، وأخذت تصرخ، فأمسكت بيدها عندما حاولوا إطلاق الكلب عليها، ولم يراعوا طفولتها وحققوا معها".


بعد هذه الجولة الرهيبة، أعاد الجنود "أم عبد الكريم" لمطبخ أسرتها، وسط الضرب الذي لم يخيفها، فقد دافعت عن نفسها، وتصدت للجنود، الذين كانوا قد اعتقلوا زوجها أشرف بعدما وصل لينقلها وأطفاله لمنزلهم، لكن الجنود اعتقلوه وضربوه ونقلوه لجهة مجهولة، علماً انه أسير محرر قضى 13 عاماً خلف القضبان.


وسط ذلك، تتعدد الصور والذكريات في شريط حياة الزوجة والأم "أم ابراهيم"، التي ما زالت تتحدى وتقاوم أوجاعها التي لا تنتهي بين ألم مستمر من سنوات الاعتقال التي سببت لها أمراض الضغط والديسك وألم في الظهر، ومعاناة لا تتوقف من الاحتلال الذي أفرج عن زوجها عندما اعتقلت، وبعدما تحررت فرق شملهما من جديد بإدراجه ضمن قائمة المطلوبين، فلم تطأ قدماه عتبة منزله منذ سنوات، وتقول "35عاماً  والاحتلال يقارعنا ونحن نقارعه، عائلتي ناضلت وضحت، قدمنا الشهداء ولداي التوام ابراهيم وعبد الكريم، وحماتي وقبلهما شقيقاي عثمان ومحمد، تعرض أبنائي للإصابة والاعتقال، كذلك، شقيقي الشيخ محمود السعدي تعرض للمطاردة والاعتقال خلال معركة المخيم ومرات عديدة بعدها، ومازلنا نضحي بأنفسنا ونقدم الغالي والنفيس في سبيل الله والوطن وشعبنا، لكني كزوجة وأم من حقي أن أقول بأعلى صوتي إلى متى سنبقى على هذا الحال؟ ".


منذ زواجه، قضى القيادي في حركة الجهاد الاسلامي بسام السعدي، سنوات طويلة من عمره مستهدفاً، وتروي الزوجة، انه اعتقل خلال الانتفاضتين 15 مرة ، تعرض للإصابة في انتفاضة الحجارة وأبعد إلى مرج الزهور، وبعد العودة لم يتوقف الاحتلال عن ملاحقته واعتقاله، وتقول " خلال انتفاضة الاقصى طورد واعتقل مرات عدة، واستشهد ولدينا ابراهيم وعبد الكريم ووالدته عام 2003 ولم يتمكن من وداعهم بسبب ملاحقة الاحتلال له "، وتضيف " عندما أُفرج عن الشيخ بسام من اعتقال عام 2013 ، كنت أقضى محكوميتي البالغة عامين، وبعدما تحررت عام 2014 ، أصبح زوجي مطلوباً، ولم نجتمع ولم نلتقي، والجنود لا يتوقفون عن مداهمة منزلنا والتنكيل بنا، فالجنود زاروا منزلنا أكثر من زوجي حماه رب العالمين ".


حتى في مناسبات العائلة السعيدة، لم يحضر الشيخ بسام، فتزوج بكره عز الدين الذي تعرض للإصابة والاعتقال، وتزوجت كريماته، وتقول أم ابراهيم " لم نشعر بطعم الفرحة كباقي العائلات رغم أنه بكرنا، وامتزجت اللحظات والمشاعر في ظل غياب زوجي وابنائي وأحبتي الشهداء والأسرى، وكأن الفرح محرم علينا وأسير رهينة للاحتلال".


 وتضيف كريمتها " طوال الأعوام التي عشتها بل ومنذ ولادتنا، ونحن محرومين من والدي بسبب الاحتلال، فإما أن يكون أسيراً أو مبعداً أو مطارداً، وتتالت كوابيس الاعتقال التي لا تطاق بشكل فاق كل الاحتمالات، وفي كل عام يأتي هناك غصة وألم لغياب والدي"، وتتابع " لم نكن نفرح بحرية والدي وعودته لنا سوى فترات قليلة جداً، وأكثر فترة كان يقضيها معنا بعد حريته شهر أو 40 يوماً ثم يصبح مطلوباً مجدداً للاحتلال الذي ينغص علينا حياتنا بملاحقته وتهديد حياته والمداهمات التي لا تتوقف "، وتكمل " حتى بعد اعتقال والدي ووالدتي، لم تتوقف حملات المداهمة حتى أصبحنا نعيش بكابوس، وأمنيتنا أن يفك رب العالمين أسر والدنا وأن يتحرر كافة الأسرى والأسيرات وأن يتغير واقع الشعب الفلسطيني ويزول الاحتلال قريباً عن أرض فلسطين".


تعانق صور الأبناء الشهيد والمعتقل منهم ، وتقول " لا يوجد من يشعر بنا، أنا أم موجوعة، متألمة على زوجي، خرجت من السجن ولم أشاهده، إضافة لحزني على ولدي الشهيدين"، وتضيف " قلقي لا يتوقف على ابني صهيب الذي اعتقلته الوحدات الخاصة، وجرى تحويله للاعتقال الإداري وتجديده مرات عديدة "، وتكمل " في كل لحظة أفتقده وأشعر بالحزن والألم لغيابه، فهو كباقي إخوانه تجرع معنا كل صنوف المعاناة جراء استهداف الاحتلال لعائلتنا، فتأثر كثيراً، واختار طريق الجهاد على درب شقيقيه الشهيدين ابراهيم وعبد الكريم وأخواله، فشارك في فعاليات انتفاضة الأقصى وتعرض للإصابة برصاص الاحتلال في قدمه اليمنى"، وتضيف " ما زال يعاني إثر الإصابة برصاص الاحتلال الذي يرفض علاجه رغم تقديمه عدة طلبات لعرضه على طبيب مختص، أُحصي الدقائق واللحظات بانتظار انتهاء محكوميته وعناقه، فالمنزل بدون ابني صهيب معتم جداً، وأتمنى أن أرى نوره بيننا قريباً".


"أم ابراهيم" التي عانت الكثير خلال اعتقالاتها ،قالت " فخورة بزوجي وأبنائي وعائلتي فرداً فرداً، والحمد الله رب العالمين انني ربيت تربية صالحة رغم غياب زوجي خاصة خلال آخر اعتقالات، فلم يسمح لنا حتى بزيارته في السجن "، مضيفة " حياتنا صعبة وقاسية بعدما حولها الاحتلال لسجن، منزلنا سجن مفتوح وفي أي وقت يأتي المحتل ويقتحمه ويخرب علينا حياتنا،لكن نقول له" بالعكس نحن صامدون وثابتون ومستمرون في التضحية، ومداهماتكم واعتقالاتكم لأبنائي لاتزيدني إلا إصرارا ومعنويات عالية وإرادة وقوة "، وتكمل "أملنا أن تستمر الجهود والضغوط على الاحتلال حتى حرية الشيخ بسام واجتماع شمله مع أسرته وأبنائه وأحفاده، ونكمل حياتنا بسعادة وأمل بدل الدموع والفراق والانتظار القاتل". 

دلالات

شارك برأيك

أغرقوه بالدم... مشاهٌد مُروعة من اعتقال الشيخ بسام السعدي

المزيد في فلسطين

أسعار العملات

الجمعة 17 مايو 2024 12:34 مساءً

دولار / شيكل

بيع 3.71

شراء 3.7

يورو / شيكل

بيع 4.02

شراء 4.0

دينار / شيكل

بيع 5.24

شراء 5.2

بعد سبعة أشهر، هل اقتربت إسرائيل من القضاء على حماس؟

%7

%93

(مجموع المصوتين 73)

القدس حالة الطقس