أقلام وأراء

الإثنين 22 أبريل 2024 9:39 صباحًا - بتوقيت القدس

الحرب على غزه وتصفية القضية الفلسطينية

تلخيص

الحرب بنتائجها السياسية، والنتائج السياسية بماهية الحرب وحجمها وشكلها وأهدافها، والحرب على غزه هذه المرة تختلف عن الحروب السابقة التي شهدتها منذ عام 2008 ووصول حماس للسلطة، الحروب السابقه كانت محدوده في أهدافها، وكان القاسم المشترك بينها جميعا هو الحيلولة دون قيام الدولة الفلسطينية، بتعميق الإنقسام وتحوله لحالة إنفصال سياسى. هذه المرة الهدف أعمق وأشمل بغلق كل ملفات القضية الفلسطينية، وهنا التساؤل، أي مقاربات وخيارات لتسوية القضية الفلسطينية ؟. الطريق الوحيد لغلق ملف القضية يكون عبر الأمم المتحدة والشرعية الدولية بقبول فلسطين دولة كاملة العضوية وإنهاء الاحتلال، وحل مشكلة اللاجئيين بتنفيذ القرار 194 الخاص بهم، وعندها ينتهى دور الوكالة الدولية. هذه المقاربة قد تبدو مثالية اليوم، مع تبنى مقاربة القوة التى تتبناها إسرائيل ورفضها المطلق لقيام الدولة الفلسطينية، وتفكيك وحل وكالة الغوث وإستبدال دورها بدور وكالات أخرى، وبتمسك إسرائيل بمفاهيم إسرائيل الكبرى والإستيطان والتهويد وبالقدس عاصمة موحدة لها وبالفيتو الأمريكي الدائم.


هذه المقاربة تتبناها اليوم أكثر الحكومات اليمينية تشددا، والسرديات اليهودية التي تتبناها الأحزاب الصهوينية الدينية والقومية ممثلة بحزبي بن غفير وسموتريتش. هذه المقاربة تجسدها اليوم الحرب على غزة وهدفها يتجاوز القضاء على حماس والمقاومة إلى الدفع بالهجرة القسرية لأكثر من مليوني نسمة، وبجعل غزه غير قابلة للحياة.


هذه المقاربة تعمق الصراع ولا تغلق ملفات القضية. هذا ما تتبناه اليوم إسرائيل في اليوم التالي للحرب، بفرض سيطرتها الأمنية وعدم عودة أي شكل للحكم الفلسطيني، وهذا لا يقتصر على غزة، بل يمتد إلى الضفة الغربية التى تشكل قلب القضية سلما وصراعا، بمصادرة كل الأراضى الفلسطينية، والتوسع في عمليات الإستيطان، وبغلق ملف القدس كليا والتمسك بهودية الدولة كلها. وهذه المقاربة تاريخيا هي مقاربة الاحتلال، ورأينا نماذجها في الجزائر، ومحاولة فرنسا فرنسة الجزائر، وفى دول العالم الثالث، وقد نرى نموذجها في الحرب الدائرة في أوكرانيا، لكن مصيرها الفشل.


هذه المقاربة تقابلها المقاربة الفلسطينية لتسوية القضية وغلق ملف الصراع، وهى مقاربة شعب تحت الإحتلال، وأساسها الشرعية الدولية والسلام القائم على حل الدولتين، وفيها قدم الفلسطينيون تنازلات كبيره أهمها القبول بالدولة الفلسطينية على أساس حدود 1967 وليس القرار الأممي رقم 181 الذى منحهم ما يقارب الـ 44 في المئة من أرضهم التاريخية، وبالقبول بحل عادل لمشكلة اللاجئين استنادا للمبادرة العربية التي أجهضتها إسرائيل، وبالتوقيع على إتفاقات أوسلو والاعتراف المباشر من قبل منظمة التحرير بإسرائيل، واعتراف إسرائيل بمنظمة التحرير كممثل شرعي، وإن كان هذا يعنى ضمنا الدولة الفلسطينية، والتي كان الهدف من اوسلو قيامها مع عام 1999، والتي لم تحترمها وتلتزم به الحكومات اليمينية الإسرائيلية اليوم، لكن هذه المقاربة قوتها في شرعيتها التاريخية وشرعيتها الدولية، وبالذهاب بانتزاع الحق الدولي في قبول فلسطين دولة كاملة العضوية تحت الاحتلال في الأمم المتحدة، وبتفعيل المسؤولية الدولية بإنهاء الاحتلال. هذه المقاربة اكتسبت اليوم قوة كبيرة بعد الحرب على غزة بالإستعداد بالاعتراف بالدولة الفلسطينية من قبل اكثر من دولة، وهناك المقاربة الإقليمية العربية الداعمة والمساندة للمقاربة الفلسطينية، وأساسها ربط السلام الشامل والعلاقات العادية مع إسرائيل بالقبول بقيام الدولة الفلسطينية والقدس الشرقية عاصمة لها، مع التسوية العادلة لللاجئيين، وهناك المقاربة الدولية وأساسها حل الدولتين، ولكن ما يعيقها الموقف الأمريكي الذى يتحكم بالفيتو في مجلس الأمن ويحول دون ترجمة قبول فلسطين عضوا كاملا، بذريعة ان الطريق للدولة وتسوية القضية بالتفاوض فلسطينيا وإسرائيليا، وهو موقف يساهم في إطالة الصراع وعدم تسوية القضية.


تاريخيا تبقى المقاربة الفلسطينية هي المقاربة الأساس، لكنها تحتاج أولا إلى إنهاء الإنقسام، وثانيا، التوافق على بناء نظام سياسي توافقي، يستمد شرعيته من الانتخابات ، وثالثا، التوافق على رؤية وطنية للمرحلة الإنتقالية، مرحلة انتهاء الاحتلال والتوافق على آليات ومقاربات انهاء الاحتلال، وتفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية، كإطار للشرعية والتمثيل، تمهيدا لإعلان مرحلة الدولة الفلسطينية، ورابعا، تفعيل وتوظيف السلام العربي وربطه بقيام الدولة الفلسطينية، وخامسا، تفعيل التحولات الإيجابية التي شهدتها العديد من العواصم في العالم دعما للحقوق الفلسطينية، وتوسيع دائرة الإعتراف بالدولة الفلسطينية.


وبتفعيل المقاربة الفلسطينية المدعومة عربيا ودوليا يمكن تصور سيناريو تسوية القضية الفلسطينية، وليس تصفيتها وتفكيكها، وهذا هو الفارق بين مقاربة قوة الشرعية وبين شرعية القوة.

دلالات

شارك برأيك

الحرب على غزه وتصفية القضية الفلسطينية

المزيد في أقلام وأراء

مأساة غزة تفضح حرية الصحافة

حديث القدس

بمناسبة “عيد الفصح”: نماذج لعطاء قامات مسيحية فلسطينية

أسعد عبد الرحمن

شبح فيتنام يحوم فوق الجامعات الأميركية

دلال البزري

البدريّون في زماننا!

أسامة الأشقر

تحرك الجامعات والأسناد المدني لوقف لعدوان

حمزة البشتاوي

‏ آثار ما بعد صدمة فقدان المكان الاّمن – هدم بيتك أو مصادرته

غسان عبد الله

حوار عربي أوروبي في عمّان

جواد العناني

حرب نفسية عنوانها : تهديد اسرائيلي وضغط أميركي

حديث القدس

الأمم المتحدة والإعتراف بفلسطين دولة

ناجي شراب

خطاب ديني يواري سوأة المغتصِب

سماح خليفة

نتياهو قرر إفشال الهدنة وصفقة التبادل

بهاء رحال

تعرية التحالف الاستعماري

حمادة فراعنة

عزلتهم تزداد وهزيمتهم مؤكدة

وسام رفيدي

عاش الاول من أيار ..عيد العمال الأحرار

حديث القدس

"سان ريمو" إرث استعماري يتجدد ضد فلسطين والقدس

عبد الله توفيق كنعان

لماذا تقلق النخب من الحراك الطلابي المعادي لسياسات إسرائيل والمؤيد لغزة بالجامعات الأمريكية والغربية ؟!

محمد النوباني

أزرار التحكم... والسيطرة!

حسين شبكشي

ما أشبه الليلة الفلسطينية بالبارحة الفيتنامية

عيسى الشعيبي

الانتماء لفترة الصهيونية

حمادة فراعنة

الجنائية الدولية وقرار اعتقال نتنياهو ... حكمة أم نكتة

سماح خليفة

أسعار العملات

الجمعة 03 مايو 2024 9:49 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.72

شراء 3.7

دينار / شيكل

بيع 5.25

شراء 5.2

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.95

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%20

%5

(مجموع المصوتين 202)

القدس حالة الطقس