أقلام وأراء

الأحد 17 مارس 2024 9:55 صباحًا - بتوقيت القدس

حق تقرير المصير في القانون الدولي

تلخيص

جاء في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، واستجابة لمقاصد الأمم المتحدة في ديباجته الأولى، أن الدول الأطراف في هذا العهد،"إذ ترى أن الإقرار بما لجميع أعضاء الأسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وثابتة، يشكل، وفقا للمبادئ المعلنة في ميثاق الأمم المتحدة، أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، وإذ تقر بأن هذه الحقوق تنبثق من كرامة الإنسان الأصيلة فيه، وإذ تدرك أن السبيل الوحيد لتحقيق المثل الأعلى المتمثل، وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في أن يكون البشر أحرارا، ومتمتعين بالحرية المدنية والسياسية ومتحررين من الخوف والفاقة، هو سبيل تهيئة الظروف لتمكين كل إنسان من التمتع بحقوقه المدنية والسياسية، وكذلك بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية".


تكرس هذه المواد حرية الشعوب في تقرير مصيرها ومركزها السياسي، والمضي قدما لتحقيق نموها الاقتصادي والثقافي والاجتماعي، وهذا الحق غير قابل للتصرف، وللشعوب كامل الحرية في تحديد كل ما يتعلق بمستقبلها السياسي واختيار النظام السياسي الذي تريده، والذي يعبر عن إرادتها، وأن تمتلك الصفة القانونية لتدير مواردها الطبيعية والتحكم بثرواتها.


وعرف فقهاء القانون الدولي حق تقرير المصير على أنه" حق أي شعب في أن يختار شكل الحكم الذي يرغب العيش في ظلهِ، والسيادة التي يريد الانتماء إليها"، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما هي الضمانات لتمتع الشعوب بحق تقرير المصير؟


طلبت الجمعية العامة من لجنة حقوق الانسان وضع التوصيات اللازمة حول الطرق والوسائل التي تكفل حق تقرير المصير في قرارها رقم 421 الصادر في 4 كانون الأول /1950، ونصت في القرار رقم 545 الصادر في شباط/1952، على ضرورة أن تضمن الاتفاقية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية مادة خاصة تكفل حق الشعوب في تقرير مصيرها، ثم عملت على إصدار قرارها رقم 637  في 16/كانون الثاني/1952 بحيث يكون حق الشعوب في تقرير مصيرها شرطاً ضروريًا للتمتع بالحقوق الأساسية جميعها، وأنهُ على كل عضو في الأمم المتحدة الاحترام والمحافظة على حق تقرير المصير للأمم الأخـرى.


وفي نفس الجانب، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة، والذي اعتمد ونشر على الملأ بموجب القرار (د-15) المؤرخ في 14 كانون الأول/ 1960، أكدت من خلاله على وضع حد للاستعمار بكافة صوره ومظاهره، ايمانا منها بحق الشعوب جميعا في ممارسة السيادة وسلامة التراب الوطني، ولكن السؤال الذي يتبادر للأذهان هنا: هل هناك شروط لحق تقرير المصير، وإن وجد، ما هي هذه الشروط؟


يعتبر حق تقرير المصير من أهم الحقوق التي أكدت عليها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ميثاقها الدولي. ولتحقيق ذلك، تلتزم الدول الأعضاء في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بتقديم الحماية اللازمة للشعوب التي تعاني من التهميش والاضطهاد، ولحق تقرير المصير شروط منها، تحقيق العدالة والحرية والديمقراطية، بحيث تتمكن الشعوب من التصويت بحرية لتحديد مستقبلها السياسي والاقتصادي والثقافي، كما يعد تجنب الاستعمار والاحتلال شرطا ضروريا لتحقيق حق تقرير المصير، ولا يحق للدول المساعدة في تقرير مصير الشعوب عوضا عن الشعب نفسه، ويشترط كذلك ان تحترم الدول الأطراف هذا الحق دون أي تدخل خارجي أو أي اضطهاد، والحفاظ على الوحدة الوطنية للشعوب لتحقيق الحرية دون حصول أي انقسام داخلي، والاعتراف بحرية الشعوب في الاحتفاظ بلغتها وثقافاتها دون اجحاف.


وفي نفس المضمار، تلتزم الدول بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بحماية حقوق الانسان، الذي يعتبر الأساس لحق تقرير المصير، وتوفير الظروف المواتية لممارسة هذا الحق بما في ذلك حرية التعبير والتنمية الاقتصادية والتطوير المؤسساتي لتحقيق الديموقراطية، وعلى المجتمع الدولي توفير الدعم المالي والمعنوي للشعوب التي تسعى لتحقيق حق تقرير المصير، ومساعدة الدول غير المستقلة على الوصول إلى الاستقلال السياسي والاقتصادي لتحقيق السلام والاستقرار في العالم. والسؤال الآن: ما موقف الجمعية العامة من الاستعمار؟


اعتمدت الجمعية العامة "إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة، وفقا لقرارها 1514(د-15 للعام 1960، والمعروف بالإعلان المتعلق بإنهاء الاستعمار، آخذة بعين الاعتبار دور الأمم المتحدة لمساعدة الشعوب والحركات الرامية لنيل الاستقلال، معلنة رسميا انهاء الاستعمار بكافة أشكاله. وعليه فإن حق تقرير المصير يندرج تحت بندين: الأول هو حالة الشعوب الخاضعة للاستعمار أو الاحتلال، وبمقتضى هذا الحق، فإن التخلص من الاحتلال الأجنبي أو التمييز العنصري هو حق مكفول للشعوب ، والبند الثاني يتعلق بالأقليات التي تتعرض للاضطهاد والتمييز العنصري الممنهج من قبل الاحتلال، أما عن حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وانهاء الاحتلال وموقف الجمعية العامة للأمم المتحدة، فما حيثيات القرارات المتعلقة بهذا الأمر؟


أكدت الجمعية العامة مرارا وتكرار على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ويتضمن ذلك حقه في تكوين دولته المستقلة فلسطين. وكان آخر قرار للجمعية العامة قد صدر بتاريخ 20/12/2023 ، اعتمدت فيه قرارا بعنوان" حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير" ، وأيدت القرار 172 دولة، وعارضته 4 دول، وامتنعت 10 دول عن التصويت، وأعاد هذا القرار التأكيد على هذا الحق ، وحث المجتمع الدولي والوكالات المتخصصة والمؤسسات الأممية التابعة للأمم المتحدة على المضي قدما في دعم الشعب الفلسطيني لنيل حقوقه المشروعة، مع الدعوة إلى انهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ في العام 1967، والوصول الى تسوية سلمية عادلة وشاملة وفق قرارات الأمم المتحدة بهذا الشأن، واحترام وحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.


بات واضحا للعيان أن الحل للوضع القائم في الأراضي الفلسطينية هو انهاء الاحتلال والاحترام الكامل لحق الفلسطينيين بتقرير المصير، وعلى المجتمع الدولي قاطبة بذل كل جهد ممكن لتحقيق السلام الدائم والعدل، والحث على تطبيق القوانين والمواثيق الدولية والقرارات الأممية الرامية لإنهاء أطول احتلال عاشته البشرية جمعاء ورفع الظلم والمعاناة وإيقاف ويلات الحروب والابادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، وحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وتقرير مصيرهم.

دلالات

شارك برأيك

حق تقرير المصير في القانون الدولي

المزيد في أقلام وأراء

مأساة غزة تفضح حرية الصحافة

حديث القدس

بمناسبة “عيد الفصح”: نماذج لعطاء قامات مسيحية فلسطينية

أسعد عبد الرحمن

شبح فيتنام يحوم فوق الجامعات الأميركية

دلال البزري

البدريّون في زماننا!

أسامة الأشقر

تحرك الجامعات والأسناد المدني لوقف لعدوان

حمزة البشتاوي

‏ آثار ما بعد صدمة فقدان المكان الاّمن – هدم بيتك أو مصادرته

غسان عبد الله

حوار عربي أوروبي في عمّان

جواد العناني

حرب نفسية عنوانها : تهديد اسرائيلي وضغط أميركي

حديث القدس

الأمم المتحدة والإعتراف بفلسطين دولة

ناجي شراب

خطاب ديني يواري سوأة المغتصِب

سماح خليفة

نتياهو قرر إفشال الهدنة وصفقة التبادل

بهاء رحال

تعرية التحالف الاستعماري

حمادة فراعنة

عزلتهم تزداد وهزيمتهم مؤكدة

وسام رفيدي

عاش الاول من أيار ..عيد العمال الأحرار

حديث القدس

"سان ريمو" إرث استعماري يتجدد ضد فلسطين والقدس

عبد الله توفيق كنعان

لماذا تقلق النخب من الحراك الطلابي المعادي لسياسات إسرائيل والمؤيد لغزة بالجامعات الأمريكية والغربية ؟!

محمد النوباني

أزرار التحكم... والسيطرة!

حسين شبكشي

ما أشبه الليلة الفلسطينية بالبارحة الفيتنامية

عيسى الشعيبي

الانتماء لفترة الصهيونية

حمادة فراعنة

الجنائية الدولية وقرار اعتقال نتنياهو ... حكمة أم نكتة

سماح خليفة

أسعار العملات

الجمعة 03 مايو 2024 9:49 صباحًا

دولار / شيكل

بيع 3.72

شراء 3.7

دينار / شيكل

بيع 5.25

شراء 5.2

يورو / شيكل

بيع 3.99

شراء 3.95

رغم قرار مجلس الأمن.. هل تجتاح إسرائيل رفح؟

%74

%20

%5

(مجموع المصوتين 202)

القدس حالة الطقس